قررت أن أكتب كل صباح

قررت -مستعينًا بالله- أن أُلزِم نفسي بالكتابة كل صباح، أن أكتب قطعة نصية سواءً كانت فنية أو فكرية أو معلوماتية، والمعلومات الصادرة ليست بالضرورية علمية، فحتى تفاصيل حياتك اليومية هي معلومات خام يمكن الاستفادة منها، وليس شرطًا أن تنشر تلك المعلومات، بل يمكن أن تودعها خزانتك الخاصة (كراسة يومياتك) لتعود إليها فيما بعد حين تسترجع الذكريات وتستخلص منها الفوائد.

الكتابة متنفس للروح، طريقة لتسجيل الخواطر وترك الأثر، وسيلة الإنسان للتواصل وبناء الحضارة، فهي وسيلة التواصل حتى مع نفسك، نفسك المستقبلية، أو للتواصل مع أبناءك، حيث يمكن أن تدون لهم بعض الخواطر وما يبوح به القلب لتهديها إليهم حين يكبروا، فقد لا تتسع آذانهم الآن لنصحك وتوجيهاتك، قد تعاني كلماتك الآن من عذابات التجاهل والتطنيش، ربما لأن الوقت لم يحن، أو لأنهم لم يخبروا الحياة بعد، لكن لماذا تذهب كلماتك النفيسة ونصائحك الخبيرة سدى، لماذا لا تدونها في كراسة تصبح فيما بعد كتابًا تهديه لإبنك أو بنتك حين يكبروا، حينها ستكون لكلماتك أثر ولذكرياتك معنى.

لقد سهلت لنا التقنية الكتابة، هذه نعمة من الله، وقد زادني الله من نعمه أن أرشدني لتعلم الطباعة السريعة عبر الحاسوب، وهذه مهارة أنصح الجميع بإتقانها، وليس شرطا أن تتعلم في مركز أو معهد كما فعلت أنا قديمًا، بل هنالك اليوم الكثير من المواقع التي تساعدك على تعلم الكتابة السريعة، وحين تتقن ذلك ويصبح معدل كتابتك 50 كلمة في الدقيقة، حينها ستسبقك أصابعك إلى الكتابة.

لكن لماذا الصباح؟ لأن الصباح متنفس الروح، ألم يقل الله (والصبح إذا تنفس) والصبح عندي محطة الإبداع الرئيسية، وموعد المعجزة اليومية، والمعجزة لها شروط كي تتحقق، فيجب أن يكون الفرد في الموعد حين ينادى للفلاح، ويجب أن يغسل قلبه بذكر الله ويزكي عقله بالتفكر في كتابه، تلك الساعة الأولى في يومه هي المنطلق الأساسي والعدة اللازمة للإبداع والعمل الصالح.

الله ما أجمل الصباح، ها هي أشعة الشمس تعكس بهاء نورها في السماء، أكتب الآن من داخل الشرفة، أكتب وقد ابتسم قلبي وانعكس ذلك على وجهي حين وصل نورها إلى حارتنا الصغيرة وانعكس في واجهات العمارات القريبة، لذلك، فمن أراد الكتابة فعليه بالصبح حين يتنفس، لأن روحه سوف تتنفس وستخرج أجمل ما فيها، لكن بشرط أن يفوز بالفجر ويبدأ يومه بالذكر.

كما قلت أن التقنية قد سهلت علينا الكتابة، فأنا أكتب الآن في مدونتي الشخصية، والمدونة هي موقع رقمي يمكن لأي شخص أن يحصل عليه مجانا أو باشتراكٍ سنوي، وقد أكتب في صفحتي في الفيسبوك أو أي منصة أخرى، وربما أكتب مذكرة شخصية (ذكريات) في زاويتي الخاصة، وهي زاوية في موقع (Penzu) المخصص لكتابة المذكريات عبر الانترنت، فقد اعتدت قبل سنوات أن أكتب في دفتر ورقي لكني انتقلت بعدها إلى الطرق الرقمية.

سأكتب أيضًا في مدونات فرعية صغيرة سأخصصها لبعض المواضيع التي تهمني، سأنشئها عبر منصة (blogger) التابعة لقوقل، وهي منصة مجانية تكتب فيها فتبقى تدويناتك متاحة إلى ما شاء الله، وهذه ميزة مهمة لأن المواقع المدفوعة مرهونة بالدفع السنوي، إن قصرت في الدفع أو إن قدر الله أن تخرج من حلبة الحياة الدنيا، فسوف ينتهي الاشتراك ويحذف المحتويات، فإن أردت بقاء الفائدة وانتفاع الناس بعلمك أو خواطرك، فعليك بالمنصات المجانية، لكن الفرق بين الشبكات الاجتماعية والمدونات أن المدونات تعطيك ميزة ترتيب المحتوى وسهولة البحث والوصول، كما أن تدويناتك سوف تؤرشف بشكل جيد في قوقل وهذا يضمن أن يصل إليها من يحتاج لها.

ثم أما بعد، فقد كانت هذه قطعة اليوم وكان هذا هو الواجب الصباحي، تم بحمد الله، أراني غدًا في الواجب الجديد.