الإنسان وكورونا والسينما الغربية

هنالك العشرات، وربما المئات مما يسمى بأفلام الخيال العلمي والرعب وغيرها من الأفلام التي يبدع فيها الإنسان بتخيل أفضع الأمور وأشد المصائب التي يمكن -ولا يمكن- أن تحدث للبشرية.

عشرات الأفلام التخيلية التي تحكي تفشي الفيروسات وموت الناس (هذا مثال)، بل أسوأ من ذلك، أن يتحول الإنسان إلى (زومبي) يقتل بعضه بعضا، تُصدّر تلك الافلام ويستمر إنتاجها سنة بعد أخرى وتصرف فيها الملايين وتُسخّر لأجلها الجهود البشرية والتقنية لتصوير تلك الفضائع بأقوى المؤثرات البصرية كي تخرج واقعية إلى أبعد الحدود.

في حياتنا اليومية، إذا تحدث أحدنا بالسوء قلنا له أصمت لا تقل، إذا حلم أحدنا حلما سيئاً أصبح كاتماً له لم يحدث به أحدا كي لا تلتقطه يد الأقدار، نحن الذين نردد مقولة (لابن آدم ثلث ما نطق) فنقدم الكلام الطيب على السيء، ونتحدث بالخير دون الشر، ونتفائل ونكره من يتشاءم.

أنمتنع عن هذه الأمور في الكلام، ثم نطبقها بالصوت والصورة، في الأفلام؟

هاهو ما تنبأتم به طيلة العقود الماضية، فيروس صغير أحدث رعبا في العالم لا يوازي ربع رعب أفلامكم، ها هو الفأل السيء يتحقق في أبسط صُوره، ألم تنفقوا مئات الملايين في إنتاج هذا الشؤم عبر شاشات السينما وعبر أقراص  الترفيه المنزلي، ألم يشارك في حفلات الرعب تلك ملايين البشر حول العالم، لا أدري كيف أصبح هذا نوعا من “الترفيه”، أيعقل أن نشاهد الناس وهم يموتون ويتعذبون -وإن كان تمثيلاً- ثم نسمي هذا فناً، أما أنا فأسميه مسخاً للذوق وطمساً للإحساس.

الفن رسالة، والخيال وسيلة، والقصص التي تكتب بحرفية وحبكة ذكية؛ يفترض بها أن تساهم في تنمية الإنسان، وفي تشكيل الواقع المأول، ولو في الأذهان.

وأخيرا، وكما قال “تولستوي” في إحدى قصصه “بمَ يعيش الناس، فأتاه الرد: بالرحمة”، فالرحمة هي الباقية، بها نعيش وعليها نؤمل، رحمته سبحانه بنا ورحمتنا فيما بيننا، فهو الرحيم اللطيف الحليم، وسبحانه.

نسأله اللطف والسلامة، والعفو والعافية، لنا ولجميع خلقه.