تحتوي TED على أفكار تستحق الانتشار، لكنها كانت (أفكارٌ تستحق التدوين)، فنمت وأزهرت ثم انطلقت وانتشرت، لذلك أقول: دون أفكارك اليوم، فقد تستحق الانتشار غداً.
متى يصبح الإخلاص سهلاً
الإخلاص أمره سهل، لكن على صاحب الإيمان القوي، تفكّر معي هذا المثال: لو أنك تقولُ كلاماً في ديوان وزير أو ملك أو أي شخصية كبيرة في المجتمع، وهنالك جمعٌ من الحضور، بعد أن أنهيت حديثك أشاد بك أحد الناس العاديين (العوام) حينها لن يؤثر كلامه فيك، بل ستنتظر إلى ما سيقوله الوزير أو الملك عنك وعن كلامك أو عن أفعالك.
وهكذا فإن الإيمان بالله كلما زاد كلما زادت مشاهدة القلب لله في كل الأحوال، أي أن الله سيكون حاضراً (حضوراً جزئياً بحسب إيمانك) في كل أعمالك وأقوالك، وحين يكون الملك حاضراً فلن تلتفت إلى الرعية (الخلق) ولن تنتظر اعجابهم أو مدحهم، اهتمامك مصروف لرضى الملك عنك، إذاً فالمسألة كلها مسألة استشعار معية الله ومراقبته وحضوره، وهذا متعلق بالإيمان، والإيمان يزيد وينقص، كلما زاد إيمانك زاد استشعار حضور الله، أما الإيمان فيزيد بذكر الله (صلاة خاشعة وتلاوة قرآن بتدبر وذكر بالقلب قبل اللسان).
قلت سابقاً أن الشيخ الحويني يقول أن الإخلاص سهل (بحسب كلام الشيخ يعقوب)، فقد يكون مقصوده هذا الأمر؛ أنه سهلٌ على صاحب الإيمان القوي، من يستشعر معية الله في معظم أوقاته.
الخلاصة: ابذل المجهود الأكبر بزيادة الإيمان لا بتعديل وجهة القلب، حين يزيد الإيمان، يصبح ضبط الإخلاص أسهل، والعكس صحيح.
حكاية ترس يبحث عن مكانه
أفلا أخبرك بحكاية الترس الباحث عن مكانه الملائم، لقد وجد نفسه تائهاً في حياة مليئة بالتروس، بحث عن مكانه المناسب، فخاض غمار التجارب، وبحث هنا وهناك، وجد أمكنة فارغة كثيرة، فعمل في كل مكان برهة من الزمن، لكن ما يبلث أن يترك ويبحث عن مكانٍ آخر فارغ، هنالك إحساس عميق في قلبه يدفعه دائماً للبحث والتجارب، فاستمر في البحث، أحياناً يرى تروساً كبيرة، فيعجب بمكانهم ودورهم في تحريك العجلة وتسيير المركب، فيضع نفسه في موضعٍ لا يناسبه، فيتعب ويترك ثم يعود للبحث.
فيا أيها الترس المسكين؛ استمر في البحث، لا تتوقف فما خلقت إلا للحركة، جِد مكانك بين حشد التروس، جد مكانك الفارغ حتى تساهم في تحريك العجلة، وقريباً تصل، قريباً تصل.
الخطر قائم
الشخص الملتزم على خطورة، لذلك يجب عليه الاستمرار بحراسة قلبه واللجوء إلى الله في سره وعلنه، وهو على خطورة في كلا الحالتين:
- هو في خطورة إن عاش في مجتمع ملتزم، فقد يكون التزامه مجرد عادة، وربما خجلاً من الآخرين، وربما مسايرة لهم، أو لأن الناس هكذا يفعلون وهو يفعل مثلهم، والمجتمع الملتزم نعمة من الله تساعد العبد على السير في طريق الله، لكن يجب عليه أن يجاهد نفسه ويتخذ من هذه البيئة الصالحة طريقاً للسير، لا أن يركن ويكسل ويغفل، فهو على خطورة أن يذبل إيمانه ويجف قلبه.
- وإن كان في بيئة غير صالحة وهو ملتزم فهو على خطر آخر، فقد يرى نفسه أفضل من غيره، هنالك خطورة في أن ينشأ في القلب شعور الاستحقاق، فيعتقد أنه مستحق للرحمة بسبب تفاضله وتمايزه عن من حوله، وهذا الشعور الخفي يغذي شعور الإعجاب بالنفس، والخطورة حين لا يعرف المرئ بتلك المشاعر التي تدمر قلبه من الداخل (لا يعرف حقيقة نفسه).
لذلك علينا بباب الذل لله سبحانه واللجوء إليه (كي يعيينا على اكتشاف أنفسنا وإصلاحها)، وأن نجتهد ونبذل لنيل هذا المطلب.
كن نفسك أحياناً
ليس من الضروري أن نشغل أوقاتنا كلها، بالعمل أو الكلام أو حتى التفكير، إن رأيت الجو صافياً والسماء ملونة والسحب تداعب أشعة الشمس لترسم لوحة من النور المتقطع النازل من السماء إلى الأرض، فاهدأ وأوقف عجلة تفكيرك وعش لحظات الجمال واكتفي بالنظر والتأمل.
انسى نفسك أحياناً بين أطفالك وعد طفلاً، اجري مثلهم واصرخ وتقلب فوق الوسائد والفرش، وحين يرون ذلك منك قد يضحكون، وحينها اضحك معهم وانسى كل شيء وراك أو قدامك. كن طفلاً في بعض وقتك وشارك طفلك بعض وقته.
استغل وقت انصراف الجميع، ارفع صوتك بالإنشاد أو الغناء، افعل ما لا يفعله العقلاء، أنت وحدك فكن نفسك.
ما لديك غير كافي
هذا ما تجلبه لك شبكات التواصل الاجتماعي، شعور أن (مالديك غير كافي) وإن لم تكن تشعر بهذا بعد كل جولة من جولات السوشال ميديا المرئية (يوتيوب – تك توك – سناب شات – انستقرام …الخ) فأنت صاحب قلب حديدي لا تؤثر فيه زخرفة الحياة الدنيا، وقلّ أن يوجد إنسانٌ بهذا القلب، وهذا الشعور بعدم الكفاية مشكلته أنه يطرد شعور آخر مهم لكل إنسان، هو شعور الامتنان، ولعلك إن دققت التمعن في مشاعرك فسوف تجد صراعاً بين هاذين الشعورين، ومداومة النظر إلى تلك الشبكات وما فيها من زخرف وبهرجة يقوي دفة الشعور الأول على الشعور الثاني، فكيف يمكن للإنسان أن يحمد الله وهو غير مكتفي بما لديه، وهل في وقته متسعٌ للشكر (بالعمل) حين يكون منشغلاً طول الوقت بالسعي وراء الدنيا كي يحصل بعض ما حصله غيره ممن تابعهم وشاهدهم وتمنى مكانهم؟