لماذا نصلي على رسول الله

لقد حمل الرسالة في قلبه، وتلقينا الوحي من فمه، الوعاء الذي حمل كلام الله، كلام الله العظيم، ذلك النور الذي لا تطفئه الأيام، ولا تخمده الأحداث، فكيف بالوعاء الذي حمل هذا النور الأبدي الخالد، إنه لوعاء عظيم، هو الرسول الكريم، محمد طب القلوب، وحبيب الأرواح.

أرأيت إن أسدى لك أحدهم معروفاً، وخدمك خدمة جليلة تغيرت بها حياتك، كيف تذكره عند غيره، كيف تثني عليه، ولأنك أدنى منه منزلة، فإنك لا تقدر على مكافأته، فلا تملك إلا أن تدعو له كلما ذكرته، فما بالك بمن أسدى لك أعظم معروف، وخدمك أعظم خدمة، الخدمة التي بها اهتديت، هو من بسببه سطع النور في قلبك، فعرفت خالقك وسَعُدَت بذلك حياتك، هو الذي أعطاك نموذجاً بشرياً قابلاً للتطبيق، فخرجت منه بأعظم الأخلاق، فأي خدمة بعدها إن لم تكن هذه أعظم خدمة تلقيتها في حياتك من بشر قط.

حين تشعر بالمن والفضل، حين يمتلئ قلبك امتناناً وعرفاناً، حينها لن تملك إلا أن تدعو له، أن تصلي عليه، وما صلاتنا على الرسول الأكرم إلا دعاء له بالرحمة مع التعظيم (كما قال العلماء)، ورغم مكانته السامية عند خالقه ومُحِبه، إلا أن فضل الله لا حد له، وعطاءه لا نهاية له، لذلك نحن ندعو ونرجو أن يزيد الله في رفعة ومكانة هذا الإنسان العظيم في الدار الآخرة (صلى الله عليه وسلم).

نحن نصلي عليه لأنفسنا ليس له، كي نكون بشراً أسوياء، أن ننمي في قلوبنا مشاعر الامتنان، سلوك الشكر والثناء، فأي إنسان ذاك الذي لا يَشكر، يتلقى الهبات ولا يكلف نفسه أن يذكر، أما الإنسان السوي، فإنه يذكر صاحب الفضل في كل مناسبة وعند كل فرصة، يذكره بالخير ويحدث الناس عن فضله، وفي قلبه هو يدعو له، وعندما يتعلق الأمر برسول الله، فإننا نصلي عليه (صلى الله عليه وسلم).

الصلاة الحقيقة على رسول الله هي تلك التي تخرج من قلب محب، مستشعر بعظمة ذلك الإنسان، بتضحياته ومسيرة حياته، بأخلاقه وعظيم صفاته، أما صلاة اللسان والقلب غفلان، فأي صلاة تلك، وأي قلب ذاك، الصلاة الحقيقية هي التي تشغل العقل بالتفكير، واللسان بالترديد.

يأمرك الإله بهذا فيقول: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ).