مراجعة وملخص كتاب: قصة الأدب في العالم

الكتاب متوفر للتحميل المجاني من موقع هنداوي، وهو في ثلاثة أجزاء، هذه مراجعة وملخص الجزء الأول (تحميل الجزء الأول)

(1) من 1 إلى 90

هنالك بعض الكتب الجامعة التي تعطيك نظرة واسعة لموضوع بأكملة، أو تختصر لك حقبة تاريخية أو حضارة مترامية الأطراف، فتحصل أنت على جرعة مركزة غير مفصلة، فتعرف عبر كتاب واحد، ما يغنيك عن قراءة عشرات الكتب، ومن هذه الكتب: قصة الأدب في العالم.

لقد بُذل الكثير من الجهد في إعداد هذا الكتاب، فهو موسوعة مصغرة حول الأدب وتاريخه، ألّفه كلٌ من (زكي نجيب محمود) و (أحمد أمين) رحمهما الله، وقد استعانا بغيرهما من المتخصصين في مجالات الأدب المتنوعة، ويقع الكتاب في ثلاثة أجزاء، الأول تعداد صفحاته يفوق الأربع مئة صفحة، وقد نشر الكتاب لأول مرة عام 1955 ميلادي، وأعادت مؤسسة هنداوي نشره بعد وضعه في قالب رقمي حديث، وهو متاح للتحميل عبر موقعها وتطبيقها.

بدأت بالقراءة بنية التعرف على مواضيع الأدب وتاريخه، لم تكن توقعاتي منه كبيرة، لكنه فاق كل التوقعات، وأسرتني صفحاته وجماليات سرده من البداية، فأخذت ألتهم الصفحات دون ملل، فهو (كما هو واضح من اسمه) قصة مشوقة وحكاية خالية من الحبكة، كتبت بلغة سلسة وصياغة سهلة.

انتشرت بين صفحات الكتاب بعض الكتابات الأدبية المنقولة من بعض الأمم الغابرة، وتعجب حين تقرأ نثراً أو شعراً كتب قبل ثلاثة أو أربعة آلاف سنة، وصل إلينا عبر ورق البردي أو أي وسيلة أخرى، ومن الجميل أن الترجمات التي أوردت في الكتاب كتبت بصياغة أدبية جميلة أضافت إلى المادة الأصلي حسناً فوق حسن.

أعجبني الكتاب لأنه أشبع فضولي الديني بجانب الأدبي، وذلك أن الأدب عادة ما يختلط بالدين والدين بالأدب، وقد وصلتنا بعض المخطوطات أو المقولات التي تعكس تدين بعض الشعوب وعلاقتهم بالله عز وجل، فتجد أن التدين كان حاضراً وضارباً في القدم، سواءٌ عند المصريين القداما أو في بلاد فارس، أو في الصين والهند وغيرهم من الشعوب القديمة، لقد كانوا متدينين بطريقة أو بأخرى، وكانوا يعبدون الله بطريقة أو بأخرى، لكن -وكما نعرف- جاء الإسلام ليصحح نظرة الإنسان لخالقه وينفي الشريك والولد وغيرها من العلائق التي أضافها الإنسان عبر العصور.

ومن الفوائد التي حصلت عليها: معرفتي ببعض التفاصيل عن كتاب اليهود (التوراة)، فقد أعطى الكتاب نظرة عامة حول مكوناته وبعض النصوص من محتوياته، وقد تم تقديم تلك النصوص بترجمة خاصة، فأتت بصياغة أدبية راقية.

لقد أتى الفصل الأول عن (الأدب في الشرق القديم) فتحدث عن المصريون القداما، والفرس والهند والصين، ثم الفصل الثاني عن (الأدب العبري) وطاف بنا في جولة تاريخية ودينية وأدبية، ولم أكمل بعد بقية الفصول التي تغطي (اليونان) ثم (الروم) لينتهي بهذا الباب الأول (الأدب القديم وبدايته) ويبدأ بعدها بابٌ جديد عن (الأدب في العصور الوسطى).

(2) من صفحة 91 – 198

لقد كان الفصل الثالث (في كتاب قصة الأدب) عن الأدب اليوناني، فكان واسعاً غنياً، ذكر الأسماء وقص الحكايات، كان فصلاً ماتعاً يعطي القارئ نبذة شاملة وافية عن الأدب والكتابة عند اليونان، تحديداً في الفترة من 1000 قبل الميلاد إلى 200 ق.م.

ولعل أهم سلبية وجدتها في قراءة هذا الفصل، هي كثرة ذكر الآلهة المزيفة التي نصبها أهل اليونان وذكروها في كتبهم وإنتاجهم، وكان الأجدر بالمترجم إن يستعمل مفردة (ملك) بدل (إله) ويبين ذلك في أول الأمر، فقد أورد اليونان في قصصهم وأساطيرهم الكثير من الصفات والأفعال التي لا تليق بإنسان نبيل فكيف تليق بإله، وكثرة قراءة هذا الأدب المليئ بمفردة (إله) و (آلهة) يورد في نفس المؤمنة بعض الحرج والضيق.

اليونان وما أدراك من اليونان، لقد وصلوا بعقولهم إلى مسافات بعيدة، ويكفي أن تعرف أننا لازلنا نستشهد بأقوال بعض مفكريهم أمثال أرسطو وسقراط وغيرهم، وأنك حين تقرأ بعض أخبارهم وأجزاء من أدبهم، تدرك أن الحياة تعيد نفسها، والفكرة التي تراود عقلك اليوم من الممكن أنها قد راودت آلاف الأشخاص من قبلك، وخاصة في المجال الإنساني، بما فيها الأدب والسياسة والاجتماع وغيرها.

لقد تم تقسيم هذا الفصل إلى أربعة أقسام، هي:
1- أساطير اليونان
2- شعر الملاحم
3- الشعر الغنائي
4- النثر، وفيه قسمان: التاريخ، والفلسفة والخطابة

والقسم يحتوي على تقسيمات فرعية ونماذج مترجمة، وتعريف بأهم البارزين في ذلك المجال، فنجد مثلاً في قسم (شعر الملاحم) تعريفاً بأشهر أعمال اليونان والتي وصلتنا وترجمت إلى الكثير من اللغات، إنها (الإلياذة) و (أوديسة)، والجميل أن الكاتب قد قام بتلخيص أحداث هاتين الملحمتين، وبالتالي وفر علينا قراءة العمل الأصلي وأعطانا نظرة مجملة لما يحتوي كل كتاب، ونجد هذا الأمر في أعمال أخرى، فبعض الأعمال تم تلخيصها وبعض الأعمال تم إعطاء نبذة منها واقتبسات من داخلها.

ومن الأسماء التي لفتت انتباهي في القسم الرابع (التاريخ والمؤرخون) من يدعى (ثيوسيديد) فقد أثنى عليه الكاتب وشكر، حيث وصل بكتابة التاريخ إلى مكانة مرموقة، من حيث تحري المصادر والتثبت من المعلومة، وإضافة إلى ذلك فقد تميز بتحليل النفس الإنسانية واستنباط الدوافع الخفية، وقد خلف كتاباً كبيراً في التاريخ بعنوان (حرب البلبونيزيا) وثق فيه الحرب التي قامت بين أثينا وإسبرطة وحلفاء كل منهما، حيث دامت تلك الحرب ما يقرب من الربع قرن، وقد أورد مؤلف كتابنا هذا ملخصا وعرضاً شاملاً حول هذا الكتاب وما فيه.

نصل في هذا العرض إلى نهاية الجزء الأول من القسم الرابع، حيث يتبقى موضوع (الفلسفة والخطابة) الذي يتم عرضه في آخر هذا الفصل، وبالتالي يكون الكتاب قد أتم نصفة تقريباً (في جزئه الأول)، ولا شك أن الأدب اليوناني قد أخذ من الكتاب أكثر مما أخذ غيره، وهي فترة من حياة البشرية تستحق الدراسة والتأمل.

(3) الصفحات: من 199 إلى 407

انتهى المؤلف من أدب اليونان فانتقل إلى أدب الرومان، وكل هذا في الباب الأول الذي يتضمن (الأدب القديم)، ثم أتى بباب آخر عن (الأدب في العصور الوسطى) وقد تضمن عدة فصول، هي كالتالي:

  • الأدب الانجليزي
  • الأدب الفرنسي
  • الأدب الألماني
  • الأدب الإيطالي
  • الأدب العربي
  • الأدب الفارسي الإسلامي

    أتى الأدب الروماني (أو اللاتيني) متأثراً بالأدب اليوناني، فهو حديث عهد به، وقد تخلف في جانب الرواية المسرحية لكنه لم يتخلف في جانب الشعر، ومن الأسماء المشهورة (فِرجيل) الذي ألّف ملحمة الرومان المشهورة (الإنيادة)، وقد ذكر مؤلف الكتاب نبذة عنها ومختصراً لأحداثها وبعض الاقتباسات من أشعارها.
    والإنيادة (التي كتبت قبيل الميلاد) هي ملحمة شعرية متأثرة بالملاحم اليونانية ومكملة لها، أراد لها مؤلفها أن تكون أسطورة الرومان وأصل نشوئهم، تحكي قصة أسطورية لشخص اسمه إينياس الطروادي)، مغامراته وأسفاره ثم استقراره في إيطاليا حتى أصبح أباً كل الرومان.

    أما العصور الوسطة (موضوع الباب الثاني) فهي تمتد لألف عام، من منتصف القرن الخامس إلى الخامس عشر الميلادي، وقد أفاض في موضوع الأدب الإيطالي، فذكر (دانتي) وبعض الأجزاء من عمله المسمى (الكوميديا الإلهية).

    أما الأدب العربي فقد كان الفصل الأكبر من بين الجميع، فبدأ بالحديث عن الأدب الجاهلي وأعلن عدم معرفتنا عن الأدب العربي في بداياته، فما وصل إلينا كان في القرن الأول والثاني قبل ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وصل إلينا مجوداً متقناً، وهذا يؤكد أن هنالك عدة قرون قبلها ساهمت في نضج هذا الأدب.

    أطال المؤلف في موضوع (الشعر) وذكر أسماء وأبيات وأبان الكثير من التفاصيل والنواحي الأدبية في طبيعة هذا الشعر وموضوعاته، ثم انتقل إلى (النثر) وتحدث عن مساهمة القرآن الكريم في تطور اللغة وازدهار الكتابة الأدبية، وتحدث عن القصص وذكر مثالين (ألف ليلة وليلة وقصة حي بن يقضان) ثم انتقل إلى كتابة التاريخ وذكر بعض الأمثلة، وأخيراً الفلسفة.

    والفصل الأخير في هذا الباب كان عن الأدب الفارسي الإسلامي، وهو كذلك فصلٌ كبير أفاض فيه المؤلف وقدم مادة تحليلة جيدة، حيث تحدث عن اللغة الفارسية الحديثة وتأثرها بالعربية، ثم عن الشعر وبحوره التي استمدها من اللغة العربية.

    من الأسماء التي ذكرت: أبو قاسم الفردوسي، مؤلف ملحمة الفرس الكبرى (الشاهنامة)، وقد تذكر تفاصيلاً واقتباسات مترجمة من هذه الرواية الملحمية.

    وأخيراً الشعر الصوفي عند الفرس، ومن أبرز شعرائهم المتصوفين (السنائي) وكتابه الشهير (حديقة الحقيقة) و (العطار) وقصته الشهيرة (منطق الطير) والتي أعطى المؤلف ملخصاً لها، ثم (جلال الدين الرومي) وكتابه الشهير (المثنوي) والذي ذكر المؤلف اقتباسات عديدة منه.

    وبهذا ينتهي الجزء الأول بعد أن أتم 400 صفحة كاملة، ثم يأتي الجزء الثاني ليغطي الأدب الحديث، ولنا موعد آخر معه ان شاء الله.