مدارج الحمد الأربع
ذِكرُ (الحمد) يكون عبر استشعار النعمة، بمعنى أن يخرج كل لفظ من لسانك مقروناً بنعمة من النعم التي تدركها في تلك اللحظة، هذا هو الحمد الحقيقي الذي يغير كيانك ويفتح مغاليق قلبك.
لكن ما أود الإشارة إليه هنا، هو أن حمد النعمة له ثلاثة أوجه، وقد يكون أربعة، فحين تتذكر نعمة معينة (مثلاً لديك ما يكفيك من المال) فاحمد الله على هذا المال وهذا العطاء، ثم احمد الله مرة أخرى على أنك تستشعر هذه النعمة (أنك ممتن من داخلك للمال الذي لديك أو العمل الذي يجلبه لك) لأن الكثير من الناس لديهم المال لكنهم لا يشعرون أن لديهم ما يكفي، فاستشعار النعمة في حد ذاته (نعمة)، إذاً أنت مختلفٌ بأنك الآن تعترف بينك وبين نفسك أن هذه نعمة وأنت سعيد بها، والأمر ليس له علاقة بما لديك أو ما لدى الآخرين، فقد ينظر الفقير المعدم إلى قطعة البرتقالة التي لديه ويراها خيراً عظيماً، فيحمد الله عليها حمداً كثيراً، بينما يرى الغني المليون الذي لديه قليلٌ ولا يكفي للدخول في المشروع أو شراء ذلك البيت، إذاً الفقير لديه برتقاله وهو مستشعر بالنعمة، والغني لديه مليون وهو ضاجر يتمنى المزيد.
أما المستوى الثالث فأنت تحمد الله على أنك تحمده (في تلك اللحظة)، فهنالك آخرون لديهم مثلك من النعم، وهم فرحون بما لديهم، لكن للأسف هم غافلون عن شكر المنعم (باللسان) لكنك الآن تلهج بالحمد، فقد أُعطِيت أفضل مما أُعطُوا، أعطيت (النعمة) و(إدراكها) و(الحمد عليها)، وهذه العطية هي من الله، هو من وفقك لحمده وشكره، ولذلك احمد الله على ذلك؛ على أن أذن لك بحمده.
بعد هذه الثلاثة المستويات من الحمد، وبعد أن تكون قد غصت عميقاً في التفكر فيما لديك وبعد أن يمتلئ قلبك بالامتنان، حينها قد تعطى لذة وراحة وسكينة، قد تشعر بشعور لا يوصف أثناء ممارسة الحمد، تلك اللحظة من السعادة التي أتتك من الغيب هي في حد ذاتها نعمة، فغيرك ربما يمر بالثلاث المراحل ويحمد الله كما تحمده أنت، لكنّ حائلاً ما يحول دون وصول اللذة إلى قلبه، فإن وصلتْ إلى قلبك فاحمد الله مرة رابعة على تلك اللذة العجيبة والسعادة الغامرة والشعور بالسكينة والطمأنينة (الشعور بالاكتفاء والامتلاء والرضى).
إنها مدارج الحمد، ضمن مدارج الذاكرين لله كثيراً والذاكرات، أو لنقل: مدارج السعداء.
مشكلة الوقت وملاحقة الجديد
أجدني مضطراً لإنفاق بعض الوقت (الثمين) من أجل أن أتعلم كيفية استخدام منصة Notion، وهي التي قررت استخدامها لتنظيم مهامي وبرنامجي اليومي وتدوين الملاحظات وغيرها مما هي قادرة على فعله، والحقيقة أنها قادرة على فعل الكثير، فهي منصة مترفة الخصائص لكن هذا الترف يأتي بضريبة هي التعقيد، فكلما كثرة الميزات زادت الصعوبة في التعامل، وهذا يتطلب وقتاً.
لماذا لازلت أستعمل وندوز 7 في جهازي الأصلي، لأني لا أريد الانتقال دون حاجة أو ضرورة لما هو أفضل، لأن الجديد يعني انفاق مزيداً من الوقت في التعلم والتأقلم، وهذه مشكلة، فإن بقيت في القديم فسوف يتجاوزك الزمن ويسبقك العصر وسوف تكتشف قريباً أنك تعيش في الماضي، وإن واكبت الجديد دائماً فلن تجد وقتاً حتى للأكل، والحل في التوازن.
أيقضتهم على وقع أغنية (الحلوة دي)
بعد أن أنجزت حزمة من المهام الصغيرة، والتي من بينها التصوير الذي يتطلب أجواءً هادئة، كان الوقت قد حان لإيقاض بقية أفراد الأسرة، بدأت بالصغار كعادتي كونهم الأكثر ليناً وتسامحاً (هههه) وكوني أحب أن أداعبهم في بعض الصباحات، وكل مرة أبتكر طريقة جديدة لإيقاضهم، هذه المرة جلبت لهم بعض الفلافل (طعمية) من المطعم القريب، كانت رائحته الذكية تفوح، كنت متأكداً أن هذه الرائحة ستوقضهم ولن يستطيعوا مقاومتها.
فعلاً أكلا قطعة قطعة، لكن النوم لازال ثقيلاً، فانتقلت للخطوة التالية، وهي تشغيل أغنية (الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية) عبر مكبر الصوت (المايك اللعبة) ثم جعلت أمثل أني من يغني الأغنية وأطوف بأرجاء المنزل في خطوات رشيقة ونفس متفتحة ومستعدة لهذا الصباح الجميل.
هذه الأغنية من الأغاني المحببة إلى قلبي بسبب كلماتها، أحن إلى سماعها أحياناً في الصباح، وهي أغنية ذات لحن متفتح وموسيقى مشرقة تناسب شروق الشمس، طبعاً أتى ذلك كله بعد ذكر الله والصلاة والقرآن، فكيف يكون صباحاً سعيداً دون ذكر الله؟
جيل تائه
شاهدت سبع دقائق كتقرير عن مغنية صغيرة لمع نجمها في الآونة الأخيرة اسمها (Billie Eilish)، ومما قالته أنها عانت من الاكتئاب في الفترة الأخيرة واسودت الحياة في وجهها، وذكر التقرير أن أغنيتها (bad guy) قد تم الاستماع إليها مليارات المرات، وهي أغنية تافهة، لا كلمات ولا لحن ولا أداء، تتحسر على مستوى الغناء كيف انحدر وعن ذائقة الجيل الجديد كيف أصبحت، لكن ولعله يعبر عن أزمة جيل جديد (في الغرب) جيل مشتت تائه وصل إلى عالم قد تخلى عن غذاء الروح وصار -في عرفه- كل شيء مباح، جيل لا يدري لماذا أتى وإلى أين المصير، فعلاً يا حسرتاه.
عرض التقرير مشاهد عن حياتها وهي صغيرة قبل عشر سنوات حين كانت تقف أمام الكاميرا وتحاول الغناء، يبدو أنها استمرت بدون توجيه أو قدوة أو أي شيء (في عالم يعاني من السيولة في كل شيء)، ثم وعبر شبكات التواصل تمكنت من التصدر، لكن كيف لها أن تتصدر وتنشر وهي لم تخبر الحياة بعد ولم تكتشف نفسها ناهيك عن خالقها، فعلاً إنها مأساة، مأساة هذا الجيل.
أبٌ تائه
لدي صديق تائه، تائه عن نفسه وعن ربه، يحيى ليعيش ويعيش لحيى، لكن ما سبب توهانه وعيشه بدون هدف واضح أو غاية سامية؟ إنه أبوه، تائه مثله، لذلك فمشكلة التوهان أنك لا تؤثر على نفسك فقط، بل على الأقل ستؤثر على أبناءك من بعدك، لذلك فعليك أن تجد الطريق لأن أطفالك سيسروا بعدك، أما إن تولى الشخص مسؤلية أو كان قائد مجتمع أو أحد مشاهير السوشال ميديا، فالمسؤلية أعظم، لأنه إن تاه هو فسيتيه من بعده خلقٌ كثير.
في تأخر تحقق الرغبات حكمة جليلة
تأملت في رغبات العباد (أحلامهم وأهدافهم) وما يريدونه في هذه الحياة، والإنسان بطبعه يريد الكثير، وكل فترة تنشأ رغبة وربما تضمحل أخرى، وأنا أعتقد أن في تأخر تحقق الأحلام والرغبات أحد أمرين، إما أن يحققها الله لك ولو بعد حين، وحينها قد تتأخر لأن الله يوافق بين رغباتك (وبين مصالح العباد والبلاد الأخرى)، فأنت متقلب، وكل سنة لديك رغبات أخرى، وهذا يتطلب تصريف وتدبير حتى تتحقق بعض رغباتك في تكامل وانسجام، فالله لا ينسى أمنية تمنيتها أو دعوة طلبتها، وقد تأتيك ولو بعد سنين، فتأتي مقترنة بأخرى كنت قد طلبتها لكن قبل أمد بعيد، أو تأتيك بعد أن تهيأت الأجواء لها فتكون مناسبة لك وفي صالحك لا ضدك (قد تفسد وتضيع إن حصلت على الثروة في شبابك، لذلك قد يتأخر إلى كهولتك، وهذا فيه رحمة من ربك)، والحقيقة أن الكثير من واقع اليوم هو أحلام وأمنيات الأمس.
الاحتمال الثاني أن الله لا يعطيك ما أردت، لأنها ربما لا تصلح، قد لا تصلح لك أو لا تصلح بشكل عام لأن فيها اختلال لميزان الكون وناموس الأقدار، ربما هي رغبة عادية لا تتخيل أنها قد تؤثر في حياة شخص أو أشخاص، لكن ما أدراك، ألم تسمع بتأثير الفراشة؟
ومع ذلك فهنالك أمنيات ورغبات تتحقق وفيها مضرة لك، فتتمنى أنك لم تحصل عليها أو تصل إليها، لكن قد تكون الحكمة من وراء تحقق تلك الأمنية هو درسٌ تستفيده، أو شيءٌ تتعلمه، لذلك فتلك الأمنية (الضارة في نظرك) هي صالحة لك، فالأضرار والأشرار هم من مكونات هذه الحياة التي لا تستقيم إلا بها.
إن ناموس الكون يتم تدبيره بشكل خارج طاقات البشر العقلية، لا يمكننا تصور أو تخيل كيف يدبر الله أمور البلاد والعباد أو ما هو سر الأقدار، سبحانه ليس لنا إلا أن نخضع ونبخع ونذعن لجلاله وعظمته، سبحانه لا إله إلا هو العلي العظيم.
شيخ يجري، وشابٌ يجري
حين أرى رجل مسناً يجري في الصباح أرى فيه العزيمة، بينما حين أرى شاباً صغيراً يجري في الصباح أرى فيه الذكاء، لماذا؟
وذلك أن الشاب يعمل لمستقبله، الرجل حين يصل لآخر عمره يدرك فعلاً أن العافية هي أغلى ما يملك، وأن الصحة هي أهم مورد، لكنه يدرك ذلك بعد فوات الأوان، لم يكن يعتني بجسمه حق الاعتناء، فقرر أن يمارس الرياضة والجري وهو في الخمسين أو الستين، وهو يعض على شفتيه من الندم لو أنه بدأ في الرياضة المنتظمة منذ الصغر، أما الشاب فقد علم الدرس قبل النتيجة، فعرف قيمة الجسد ونعمة الصحة وسعى للمحافظة عليها قبل تدهورها، لذلك هو ذكي في تصرفه هذا بل وحكيم (إن كان يمارسها من هذا المنطلق).
ألا أدلكم على من هو أذكى من الجميع، إنه الشاب أو الرجل الذي يحافظ على صحته (الروحية) منذ صغره، فالكبير عادة ما يمسك مسبحته في آخر عمره، ويلهج بذكر الله ويلتزم المساجد، أما الشاب حين يحافظ على ذكر الله والصلاة والقرآن من مقتبل العمر، فإنه ذكي لأنه يحافظ على صحة روحه قبل أن ينسج الدهر أيامه الأخيرة.
تغذية بصرية
اليوم أخذت وجبتي (البصرية) بحمد الله، لم أستخدم أي شاشة رقمية (للتغذية) في هذا الصباح، بل أطلقت العنان لعيناي أن تتنعما من لوحة الشروق البهي، كانت السماء الزرقاء قد تحول جزءٌ منها إلى الاصفرار المشبوب بالحمرة، وكانت بقايا السحب المتناثرة تنتشر في الأفق فتكتمل بذلك اللوحة، لوحة رااااائعة الجمال باذخة الفخامة مبهرة للعيون، إنها غذاء بصري يخترق الحجب مباشرة نحو روحك، فتشعر بنشوة عجيبة ولذة نادرة.
للأسف فإن البصر هو هدف الرأسمالية اليوم، يريدون أن يغذو بصرك بالمصنوعات والملهيات حتى ترغب بالشراء والاقتناء، البصر هو وسيلتهم للولوج إلى داخلك وتحريك عجلة الرغبة الراكدة فيك، وتلك العجلة كلما تحركت كلما أقلقت صخرى الرضى، فأصبحت غير راضٍ، ولم تعد تهتم بلوحة السماء التي ترتسم كل يوم لأن بصرك أصبح مشغولاً بالشاشات والمعروضات، وهنا نتذكر وصية الله الخالدة (ولا تمدن عينيك).
غض بصرك عن ذاك وأطلقه في هذا.
القرآن والراحة النفسية
أعترف أن قراءة القرآن (وخاصة بحضور عقل) يؤدي إلى الراحة النفسية، أعتقد أن يومي يصبح أفضل حين أبدأه بجرعة من القرآن الكريم، لكن يجب أن لا ننسى أن الهدف من تلاوة القرآن الكريم ليس لاستجلاب الراحة النفسية، فهذه هي نتيجة ثانوية تتحصل من هذا النشاط، وهي هدية ربانية تساعدنا على الإلتزام أكثر بالطاعات (قال تعالى: ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم)، أما الهدف الأساسي من تلاوة القرآن فهو من أجل الاسترشاد به، هو نور يضيء حياتنا، هو مصدر ضروري نتعلم منه أساسيات حياتنا، هو كلمة الله ورسالته إلينا، وعلينا أن نقول سمعاً وطاعة ونطبق ونعمل، وهكذا مع كل جلسة تجلسها في رحاب القرآن الكريم يجب عليك أن توجه القلب والعقل لتلقي جرعة إرشادات تضبط بها حياتك، بل وتتعمق في التفكّر حتى تكتشف أموراً ودقائق تسلط بها الضوء على جزئيات حياتك الدقيقة، وهذا هو التدبّر (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ).
فإن جاءت السكينة والراحة النفسية أو حتى الدموع (من الخشية والحب) أثناء تلاوة القرآن، فشكراً يا رب على هذه العطية، وإلا فأكمل التلاوة والتزم بالورد اليومي وجاهد نفسك على حضور القلب (العقل).
وهذا ينطبق على الذكر والصلاة، أن لا يكون الهدف من ذكر الله هي الوصول للذة القلبية (أو التجليات حسب المصطلحات الصوفية)، بل أننا نذكره طاعة وامتثالاً وإجلالاً وخشية، فنحن نستغفر ليس طلباً للرزق (فتلك نتيجة ثانوية يمكن أن تحصل أو لا تحصل) بل لأننا غارقون في الذنوب التي أخجلتنا من ربنا الذي أغرقنا في النعم، ونحن نُسبّح الله لأننا مبهورون بعظمته وعظمة ما خلق، ونحن نحمد الله لأننا مستشعرون للنعمة وممتنون له، ونكبره لأنه فعلاً أكبر من كل شيء في حياتنا، وقبل كل ذلك نحن نذكره طاعة له لأنه أمرنا بذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا).
عالم شيعي: محمود الحسني الصرخي
وصلت بالصدفة إلى بث مباشر في اليوتيوب، لشخص يتحدث ضد الشيعة، ويستقبل اتصالات منهم ويحاول الرد عليهم وتفنيد مذهبهم، فذكر له المتصل أنه يتبع المرجع الشيعي (محمود الحسني الصرخي) وقال المتصل أن مرجعه الشيعي هذا لا يقول كلاماً سيئاً عن عمر ويساوي بينه وبين علي و…الخ، فاعترف المقدم أن هذا المرجع هو كذا وكذا (أثنى عليه بكلمات قليلة) تحدث بكلام هادئ وصوت منخفض ثم أنهى الاتصال سريعاً ليقوم بعدها برفع صوته من جديد وعرض مقطع لمرجع شيعي يقول كلاماً مستفزاً، ثم يرد عليه ويسخر ويقول كذا وكذا…..إلى آخر المهاترات التي ليس لها أول ولا آخر، وكأن الناس لم يعرفوا ولم يسمعوا، وكأن الناس ناقصين كراهية وعداوة.
حينها أخذت إسم هذا المرجع وبحثت عنه في قوقل ووجدت له صفحة في ويكيبيديا، وفعلاً هو مرجع شيعي، ويبدو أنه يسعى لإخماد الفتن وتهدئة النفوس ومافيه مصلحة الأمة، فقلت في نفسي: حسبنا الله ونعم الوكيل على كل شخص يثير الفتنة ويزرع الكراهية في نفوس بعض المسلمين على بعضهم الآخر، لماذا لم نسمع بهؤلاء المراجع الشيعية، لماذا نسمع فقط بمن يقدح في المذهب السني وفي الصحابة، ولماذا من يناظرون ومن يتصدرون الإعلام من مشائخ السنة لا يذكرون هؤلاء العلماء المعتدلون من الشيعة والمراجع الشيعية، ولماذا لا يفعل مشائخ الشيعة نفس ذلك (الجميع يركز على النماذج السيئة من الطرف الآخر).
إن التركيز على المثال الأسوأ له ثمن فادح، وقد دفعت الأمة الإسلامية الكثير من الدماء حتى الآن، فكم نريد لها أن تدفع أيضاً؟
أو علمٌ ينتفع به
لماذا العلم تحديداً، والذي ينتفع به على وجه الخصوص، هو ما يستمر أجره وثوابه بعد الموت، وربما يرفع صاحبه درجات عالية ومقامات سامية، لأن العلم (النافع) هو مادة خام يمكن أن تستخدم مرات ومرات على مدى الزمان الطويل (قد تقرأ كتاب كتب قبل ألف سنة وتستفيد به في حياتك اليوم)، هي تربة خصبة تنبت فيها بذور الأعمال والمصالح التي يستفيد منها العباد، لأن العمل تابع للعلم، فبدون علم لا يوجد عمل (لا يمكن صنع جهاز دون وجود علم بأسرار صنعته مثلاً)، فالعلم النافع مقامه عظيم جداً، ولهذا كان مقام العلماء عظيمٌ أيضاً.
انتظار الصلاة بعد الصلاة
ذكر الرسول الكريم أن هذا هو الرابط، والعلماء قالوا أنه ليس شرطاً أن يكون في المسجد، فالمقصود هو تعلق القلب بالصلاة وأن تنتظر متى تأتي التالية لتصليها، والحقيقة أن هذا له أثر كبير، لأنه أولاً يدل على أن الشغل الأساسي للإنسان هو رضى ربه، لذلك هو حريص على الصلاة ويخاف أن تفوته أو يفوته أولها، لذلك هو يعاين الساعة كل فترة ليتأكد كم بقي من الوقت، وهو يستعد لها بإنهاء ما في يده قبل الأذان والوضوء والاستعداد ثم التبكير حتى لا تفوته تكبيرة الإحرام.
لقد أثبتت التجارب، أن الصلاة هي الأساس، إن صلحت صلحت حياتك واستقامت، وإن أهملتها فسوف تضيع في غياهب الغفلة، وأن انتظار الصلاة بعد الصلاة هو آلية تستخدمها لترسيخ دعائم هذه الشعيرة الأساسية والركن المقيم لحياتك بأكملها.