برامج رمضان المفيدة (دينية ومعرفية) – 1440 (2019)

الحقيقة أن الإنتاج الإعلامي في رمضان في كلا الجهتين (الغث والسمين) هو إنتاج غزير ودسم جداً، فالعقول تُخرِج أفضل ما لديها والمهارات تبذل أقصى ما يمكنها لإنتاج أعمال إعلامية مميزة بحق، سواءً كان على مستوى المسلسلات، أو على مستوى البرامج النافعة والهادفة، سواءً الدينية والروحية أو المعرفية.

لكن المشكلة أن تلك الغزارة في الإنتاج تأتي في توقيت غير مناسب أبداً، إنه شهر رمضان الذي يصبح الوقت فيه أشد ضيقا مما سواه من الأشهر، وخاصة لمن يودون استغلاله على الوجه الأمثل، فأنت تُدخل إلى حياتك عبادات وعادات جديدة، فتقرأ من القرآن كذا وكذا، وتصلي التراويح، وقد تجلس في المسجد ساعة لتدبر آيات الله، بالإضافة إلى الأذكار وغيرها من الأعمال، طبعاً هذا كله بجانب إلتزاماتك الحياتية التي لا مناص منها، دراسة أو عمل، أسرة وعلاقات اجتماعية، وغيرها.

عني شخصياً؛ أكتفي ببرنامج رمضاني واحد أتابعه خلال الشهر الكريم، وأحياناً إثنين، واحد لقلبي (لتنمية الجانب الروحي) والآخر لعقلي (لتنمية الجانب المعرفي).

لكن تبقى تلك الحسرة في القلب على بقية البرامج ذات الفائدة الكبيرة، فهنالك ما أريد مشاهدته وعدم تفويت حلقاته، فأنا أعلم أن مثل ذلك الدر المنثور ليس مما يمكن التحصل عليه في أي وقت آخر من أوقات السنة.

لكن -وبحمد الله- لدينا اليوتيوب، هذا المستودع الضخم الذي يحمل على عاتقه الاحتفاظ بكل ما ينشر فيه، حتى تتمكن نسخنا المستقبلية من الإطلاع على ما مضى وفات، فكل البرامج الرمضانية تقريباً يتم بثها عبر اليوتيوب، وهي باقية إن شاء الله حتى يأذن الله، يمكن أن تعود إليها بعد رمضان، فتشاهد وتستفيد وتنهل من بحار العقول، كل ما عليك فعله هو عمل جدول وخطة بعد رمضان للاستفادة مما نشر في رمضان، بحيث تخصص لك كل يوم ساعة أو نصف ساعة (كي لا يؤثر ذلك على جدول أعمالك)، كي لا يأتي رمضان القادم إلا وقد ارضيت شغف نفسك وشهية عقلك فيما عند الناس من أفكار وأنوار.

المهم … سأقوم هنا بسرد بعض أهم البرامج المرئية التي تنشر هذه الأيام (خلال رمضان 1440) مع روابط صفحاتها في اليوتيوب (قوائم التشغيل التي تضم جميع المقاطع)، البرامج التي أعتقد أنها نافعة (لا مشكلة إن خالفتني في الرأي) حتى أتمكن -وتتمكن أنت أيضاً- بعد رمضان من العودة إليها، لتختار منها ما يناسب ذائقتك الفكرية واحتياجاتك المعرفية.

(يمكن أن تشارك معي في سرد أسماء البرامج الغير مذكورة هنا، في قسم التعليقات).

القرآن غيرني (عبدالرشيد صوفي)

الشيخ عبدالرشيد صوفي هو مقرئ وحافظ صواملي الأصل، يتميز بصوته الندي، تلاواته للقرآن الكريم المنتشرة في اليوتيوب لاقت رواجاً كبيراً، وهو في رمضان هذا العام، يقدم لنا برنامجاً خفيفاً لطيفاً، عبارة عن ذكرى سريعة في دقائق معدودة لا تتجاوز العشر، تخرج من قلب صادق فتدخل القلب مباشرة، تبدأ كل حلقة بآية كريمة ينطلق منها الشيخ لنثر الدرر ويحكي القصص والعبر، (قائمة الحلقات).

ذكرى وعبرة 3 (فاضل سليمان)

جرعات فكرة ومعرفية يلقيها الأستاذ فاضل سليمان، يتحدث فيها عن مواضيع مختلفة، وعن مواقف وقصص حصلت معه مما يمكن أن نستخلص منها العبرة، والتي -في الغالب- لها انعكاسات عملية في واقعنا المعاصر (مدة كل حلقة: ربع ساعة تقريباً)، (قائمة الحلقات).

مسكين (وجدان العلي)

كلمات رقيقة بصوت حاني، يلقيها علينا الشيخ وجدان في برنامج جديد لهذا العام، والبرنامج كما هو واضح من اسمه؛ يتحدث عن الإنسان (المسكين) وعن ربه (الكريم) في حلقات إيمانية روحانية ذات مستوى رفيع، (ربع ساعة)، (قائمة الحلقات).

فاذكروني (عمرو خالد)

برنامج الداعية (عمرو خالد) لرمضان هذا العام، وهو يتحدث عن موضوع روحاني راقي هو (ذكر الله)، حلقات لا تزيد عن 15 دقيقة لكل منها، كل حلقة تتحدث عن ذكر من الأذكار، أو طريقة من الطرق لذكر الله، والمميز في هذه الحلقات أنه يتخللها بعض مقاطع الابتهال والتواشيح بأصوات ندية وبكلمات جميلة، مما يبعث على النفس بالطمأنينه والخشوع (ربع ساعة) (قائمة الحلقات).

اللغة العالية (عارف حجاوي)

لم أكن أعرف من هو الأستاذ (عارف الحجي) قبل أن أشاهد حلقات هذا البرنامج، لكني أنجذبت لفصاحته وحلاوة لسانه وهو يتحدث بالعربية الفصحى في هذا البرنامج الرمضاني، وفيه يعطيك من نثرات اللغة العربية وفوائدها ومن تنوعات اللهجات ونوادرها، يزين الأمر إلقاء الأستاذ عارف، الذي ألف كتاباً سابق بنفس الاسم، (25 دقيقة) (قائمة الحلقات).

بيت المسلم (النابلسي)

للدكتور محمد راتب النابلسي في شهر رمضان هذا العام برنامج متعلق بالأسرة، يطل علينا فيه كل يوم ليحدثنا بأسلوبه الهادئ والممتلئ حكمة؛ عن أمور متعددة لها علاقة بالبيت المسلم والأسرة وكيف لنا أن نجعلها سعيدة (ربع ساعة)، (قائمة الحلقات).

تفسير القرآن الكريم (عدنان ابراهيم)

يطل علينا المفكر والدكتور عدنان ابراهيم في رمضان هذا العام ببرنامج يوتيوبي وحلقات يومية، عبارة عن دروس تفسير يلقيها في مسجده في النمسا، تبثها قناته الرسمية في اليوتيوب، وعبر هذه السلسلة ينثر علينا الدكتور فوائد تفسيرية وتفرعات فكرية لا تخرج منها إلا بفائدة (أكثر من نصف ساعة). (قائمة الحلقات).

سواعد الإخاء 7 (مجموعة مشايخ)

للسنة السابعة على التوالي، يستمر هذا البرنامج الرمضاني بنثر درر ما تجود به عقول مجموعة من المشايخ والدعاة الفضلاء، وميزة هذا البرنامج عن البقية أنه لا يرتبط بشخصية واحدة هي من تقدم المحتوى، ولكن هي سواعد تجتمع على الإخاء وتتعاون لطرق المواضيع المختلفة وإثراء النقاشات بخبرات تراكمت على مدى سنوات، أما مدار موضوعات هذه السنة فهو عن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، (نصف ساعة)، (قائمة الحلقات).

ملاحظة: قناة سواعد الإخاء في اليوتيوب تنشر محتوى مفيد خارج إطار البرنامج، منها سلسلة فيديوهات عن تربية الأبناء.

فسيرو 3 (فهد الكندري)

يستمر الداعية والمقرئ الشيخ فهد الكندري في نشر سلسلة جديدة كل رمضان، وهذه السنة تنشر قناته الجزء الثالث من (فسيروا) والذي يتجول فيه على عدة مواضيع تهم الإنسان، وفي كل حلقة؛ يستضيف شخصيات متخصصة للتحدث عن موضوعات الحلقات المتنوعة، (ربع ساعة)، (قائمة الحلقات).

رحلة حياة (مصطفى حسني)

للداعية المصري مصطفى حسني برنامج يومي في رمضان، في كل حلقة يمسك شيء معين ويتحدث عن علاقتك أنت -كمسلم- معه، الإخراج والإعداد مميز والمحتوى مركز وليئ بالفوائد (نصف ساعة)، (قائمة الحلقات).
كما أنه أيضاً ينشر -خلال رمضان- فيديوهات قصيرة وجميلة؛ بعنوان “خاطرة الفجر“.

مع الله (عمر عبدالكافي)

يتحدث الدكتور عمر عبدالكافي في رمضان هذا العام عن العلاقة بين العبد وربه، عن القرب من الله جل جلاله وعن مواضيع متفرقة تدور في نفس الفلك، (20 دقيقة) (قائمة الحلقات).

حصاد الفكر (طارق السويدان)

في ست دقائق، يطل علينا الدكتور طارق السويدان، ليعطينا جرعات فكرية يحصدها من مزرعة عقله، بعد أن نبتت على مر الأوقات والأحداث، ونمت من كثرة التجاربة والمواقف، (قائمة الحلقات).

قرآناً عجبا (محمد حسين يعقوب)

يطل علينا الشيخ المربي: محمد حسين يعقوب ببرنامج رمضاني يتحدث فيه عن القرآن الكريم وآي القرآن الكريم، يتحدث -بأسلوبه المميز- عن بعض الآيات الكريمة ويبحر في سمائها وتحت ظلالها، والهدف هو أن يعيش المسلم بالقرآن ومع القرآن في شهر القرآن، (ربع ساعة) (قائمة الحلقات).

وهذه بعض البرامج الرمضانية الأخرى، والتي سأترك لك مهمة استكشافها والتعرف عليها:

لو كنت تعرف -عزيزي القارئ- أي برنامج رمضاني مفيد ونافع (ديني أو فكري)، فشاركه معنا في الأسفل حتى تكون هذه الصفحة مرجعاً لكل من أحب الاطلاع في المستقبل.

رمضان العجيب

وفي كل عام، في أول يوم من رمضان، يتكرر المشهد، وتتكرر الدهشة والشعور الغامر بالعظمة؛ عظمة تلك الجموع التي تملأ المساجد.

صليت فجر أول يوم في رمضان في المسجد، فتفاجأت من العدد الكبير للمصلين، ثم في صلاة العصر، ذهبت لمسجد الحي الكبير، ذهبت إليه باكراً، وصلت المسجد فور انتهاء الأذان مباشرة، لكني للأسف لم أجد موضع قدم في الداخل، لقد امتلأ المسجد عن بكرة أبيه قبل أن يكمل المؤذن مهمته، فما كان مني إلا أن أخذت نفسي وبحثت عن مسجد آخر.

لقد تذكرت أن هذه الدهشة تتكرر في كل عام، في أول رمضان، دهشتي من الناس كيف يقبلون على الصلوات في المساجد، ودهشتي من نفسي كي تنقاد بكل سهولة إلى بيوت الله، وأعتقد أن لديك مثل هذه الدهشة من نفسك، ألم تستغرب من نفسك كي تدفعك كلما نادي المؤذن، ألم تجد تلك اللذة والحلاوة حين وقفت بين المصلين، ثم ذلك الشعور بالطمأنينة بعد الانتهاء من الصلاة، ألم تسبح نفسك في هدوء الكون وعظمة الوجود وأنت هناك، وسط تلك الجموع المتوضئة.

إنه رمضان العجيب …

ذلك الشهر الذي تتنزل فيه رحمات الله لتعم العباد، فكل من عانا من جور البعد وصعوبة الالتزام هو موعود في هذه الأيام المباركة بسهولة السير إلى الله، بحلاوة العبادة، وما عليه إلا أن يترك نفسه لتلك الرحمات كي تسوقه سوقاً، وتقوده بكل هدوء إلى مصادر النور … (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ….)

الله ما أجمل رمضان، ما أجمل المساجد المليئة بالمصلين، ما أجمل تلك الساعة التي تختلي فيها مع كتاب الله في بيت من بيوت الله، فتسبح في خضم الآيات الجليلة، تبحر لا تلوي على شيء سوى استكشاف اسرار الوجود، تتلقى كلمات الله التي تهبط على قلبك فتعيد صياغته، تعبر بخيالك حدود الزمان والمكان وتعيش أدوار المرسلين وتمتطي خيول المجاهدين، ثم تعود إلى حياتك الدنيا، وتهدأ، وربما تبكي، ثم تخشع، فلا تخرج من المسجد إلا بطاقة تملأ عالمك الصغير بالحماس والشوق، فترى بها الحياة بشكل مختلف.

دعونى نتوقف عن التحدث عن أول رمضان، فنحن الآن قد قاربنا على البدء في المرحة الجديدة، والخطيرة في نفس الوقت …

إن كانت نفوسنا ستقودنا إلى الله بدون جهد منا، فأين الاختبار إذن؟ وكيف يعرف المجتهدين من الكسالى والعاطلين؟

إن تلك الأيام ما تلبث أن تنقضي، ثم تأتي أيام أخر، تتبدل فيها الأدوار، فبعد أن كانت نفسك هي من تسوقك، يصبح الدور عليك أنت، أنت من عليه أن يقود نفسه وتجبرها على الاستمرار في السير، لقد أطعمك الله من رحيق النعيم رشفة صغيرة، رحمة منه، وعليك الآن أن تتمسك وتكمل المشوار، مشوار الثلاثين يوم، فمن يصبر ويستمر، يجد الفتوحات الربانية في الأيام الأخيرة.

ستكسل نفسك عن القيام، ستتقاعس عن إكمال الأوراد والأذكار، سوف وسوف وسوف، وما عليك إلا أن تلتزم بما عزمت عليه، إن كنت قد عزمت على شيء، وهنا مشكلة أخرى، هي عدم الاتفاق مع النفس على خطوط حمراء لا يجب أن تجاوزها في رمضان، أو سمها إن شئت خطة (رمضانية)، كي يمضي عليها في رمضان، حتى إذا ما بدأت مرحلة التكاسل والتنصل، يذكرها بما تم الاتفاق عليه، ويكشر عن أنيابه ليخيفها، كي تمضي على الصراط المستقيم، والنهج القويم.

إن لم تقم بتلك الخطوة قبل رمضان، فلا مشكلة، قم بها الآن، اعزم على أن لا تخرج من المسجد في التراويح إلا بعد إن يقوم الإمام، واعزم على عدم تفويت تكبيرات الاحرام، ولا تنسى، تلك الساعة التي تبحر فيها مع آيات الله الجميلة.

إنه رمضان العجيب يا سادة …

رمضان الذي هو هدية الرحمان لعبادة المساكين، وكلنا مساكين، التائهين في دروب الحياة، الغافلين عن حقيقة الوجود، المتذبذبين بين هنا وهناك، المتخبطين وسط سياط الإرادات، فساعة تريد هذا، وساعة تريد ذاك.

رمضان الذي هو نقطة تغيير، فكم من شخص في هذا العالم قد تغير، والسبب: رمضان، وكم من إنسان قد سلك الطريق إنطلاقاً من رمضان، وكم من بعيد قد تذوق نعيم القرب في رمضان.

إن رمضان ليس الهدف، بل ما بعد رمضان، بل الحياة بأكملها هي الهدف، هي من يجب أن تعاد صياغته، لكن الصياغة صعبة، وخاصة في عالم اليوم المليئ بالملهيات والمشتتات، كيف لنا أن نقوم ونخرج من رحم الغفلة، ولهذا السبب يأتينا رمضان كل سنة، هو الخيط الممتد من السماء والمخترق لطبقات الأرض، حتى يصل لكل شخص، سواءً ذاك الذي يتخبط قريباً من السطح، أو من هو غارق مدفون في الأعماق، فالحبل طويل ويصل للجميع.

إنه رمضان العجيب يا سادة يا كرام …

إن في عالم الوجود أسرار وخفايا يصعب علينا إدراك كنهها وآلية عملها، ومن أهم تلك العجائب: رمضان.