المراجعة التالية لا تحرق قصة الفيلم أو أحداثة البارزة
الفيلم المعنون بـ Stagecoach والذي أنتج سنة 1939، هو أحد أفلام رعاة البقر (الكاوبوي)، ورغم قدم إنتاجه إلا أنني استمتعت به واستثار قلمي حتى أكتب عنه، فبرغم أدوات الاخراج البسيطة والتقنيات القديمة، ورغم انعدام الألوان وضعف جاذبية الصورة، إلا أنه تميز في أهم عنصر لأي فيلم أو عمل سينمائي؛ القصة. فالقصة والحبكة ممتازة بحيث تجعل المشاهد متشوق لمعرفة المزيد وإكمال الفيلم، أضف إلى ذلك أداء بعض الممثلين المميز والذي قد يتفوق على كثير من الأداءات في هذا العصر الحديث: عصر طغيان الصورة على الفكرة.
فكرة الفيلم نابعة من اسمه، فكلمة Stagecoach تعني (عربة الجياد) أو (الحنطور): العربة التي كانت تستخدم قديماً كوسيلة مواصلات وتنقل بين المدن، تلك التي تجرها الخيول، فالفيلم عبارة عن رحلة بواسطة تلك العربة من مدينة إلى أخرى، رحلة تخللتها أحداث ومفاجئات، ورغم تميز القصة، إلا أن أكثر ما أعجبني هو أداء الممثلين في التعبير عن الحالات الإنسانية والمشاعر البشرية التي تدور بين ثنايا الأحداث وتختبئ بين سطور الكلمات.
تميز المخرج بإخفاء بعض المعلومات أو الاكتفاء بالتلميح إليها من بعيد، كي تكتشفها بنفسك أثناء المشاهدة، أضف إلى ذلك الأحداث الغير متوقعة والمفاجئات التي تخالف توقعاتك، وهذه نقطة مهمة لأي قصة أو حبكة.
عربة حملت عدة مسافرين، كلٌ له وجهته وهدفه، أتو من خلفيات مختلفة، جمعتهم الأقدار لمواجهة مشكلة واحدة ومن أجل تحقيق هدف واحد؛ هو الوصول بأمان، فتباينت الآراء واختلفت الطباع، وظهرت المعادن في مواقف الجد والعزم.
يحاول الفيلم معالجة بعض القضايا الاجتماعية بشكل غير مباشر: مثل التميز الطبقي، الفطرة الإنسانية لمساعدة الآخرين والمبادرة من لإسعادهم، صحيح أن تلك القيلم لم يتم معالجتها بشكل عميق، بل بطريقة بسيطة واضحة، لكنها في نفس الوقت كانت أقرب إلى الواقعية وبعيدة عن التصنع والتكلف.
فيما يخص المحتوى، ينتقده البعض ويصفوه كما يصفو مخرجه بأنه عنصري، بأنه يكرس الصورة النمطية للهنود الحمر، سكان القارة الأصليين، بمعنى: يشيطن تلك الفئة من الشعب.
استخدمت كلمة (Apache) أو (أباتشي) في الفيلم على أنه العدو ومصدر الخوف لركاب الحنطور، والذي يتضح فيما بعد أنهم مجموعة من مقاتلي الهنود الحمر، وقد قمت بالبحث بعد الفيلم في الأمر واتضح أن هذه الكلمة تطلق على قبائل من الهنود الحمر ممن استوطنوا جنوب غرب أمريكا، وقد دارت حروب ونزاعات بين تلك القبائل وبين الحكومة من جهة وبين المواطنين الأمريكيين من جهة أخرى (ممن يعتبرونهم الأباتشي محتلين لأرضهم) منذ عام 1849 حتى 1924 (انقر هنا لمزيد من المعلومات).
الفيلم مدته ساعة ونصف تقريباً، وقد حاز على ثناء النقاد وعلى تقييم مرتفع على منصة IMDB (حصل على 7.9 من اصل 10 نجمات)، كما حصل على جازئتين أوسكار: أفضل ممثل في دور مساعد (دور الطبيب) وأفضل موسيقى، أما المخرج فيدعى “جون فورد”، توفي في 1973 وحصل على ست جوائز أوسكار عبر مسيرة حياته، يعتبر – حسب موقع IMDB- أحد أهم مخرجي عصره.
التقييم الأخلاقي: الفيلم نظيف لا يوجد فيه أي مشهد جنسي، لا يوجد تعري ولا حتى قبلات، شرب الخمر موجود بكثرة، الكلام عادي ليس فيه إسفاف.
روابط ذات صلة: