ننسى التكاليف، ثم نُقبِلُ على الطلب

طلبت منها أن تحل صفحتين فقط من كتاب تدريبات الرياضيات، لماذا؟ لأنها ضعيفة في مادة الرياضيات، والآن نحن في إجازة نصف الترم وهنالك الكثير من الوقت لديهم (أولادي طبعا) بل أنهم يضيقون أحيانا من الفراغ، فطلبت منهم قبل أيام أن يحل كل واحد فيهم صفحتين في كتابة، ربع ساعة تقريبا، نشاط بسيط لملئ الفراغ والاستفادة من الأجازة، لكن كل يوم وهم في تململ وتهرب من هذه المهمة الصغيرة.

اليوم، وقبل نصف ساعة، أقبلت على ابنتي وعلى وجهي ملامح الجدية وفي يدي كتاب التدريبات، وقلت لها بلهجة حازمة: صفحتين، لكنها تهربت ورفضت، فعدت إلى غرفتي مقطب الحاجبين، ثم بعد نصف ساعة أتت مقبلة إلى غرفتي تريد مني شيء، وقبل أن أسمع منها سألتها عن الصفحتين، هل أدت المهمة، فرفضت وتملمت وتراجعت إلى الخلف وقد انكسر خاطرها.

هذه هي النفس البشرية، وهكذا نتعامل مع الله سبحانه وتعالى، الله صاحب الفضل الأول والأخير في كل شيء في حياتنا، حين يطلب منا طلب ويكلفنا بتكاليف صغيرة، وهذه التكاليف ليست له فهو الغني عنا، بل هي لنا ولمصلحتنا، فكما أني قادر على تقدير المصلحة لأبنائي بحكم أني أبوهم وأخبر منهم بالحياة، فكيف بالله سبحانه وتعالى، هو الذي يعلم مصلحتنا ويريد لنا الخير، وما علينا إلا أن نقول: سمعًا وطاعة.

وكم من مرة طلبنا منه طلبات، سواءٌ بلسان الحال عبر الدعاء أو بلسان المقال عبر التمني والسعي، وننسى أننا قد رفضنا وقصرنا في التكاليف، فقط نتذكر ما نريد، وحين يمنعنا بعض الأشياء نكتئب وربما نسخط، آه منك أيها الإنسان.

لذلك فقد أحسن الصالحون إذ علمونا أن نتبدئ دعاءنا دائما بالذل والاستغفار، نعتذر أولًا عن تقصيرنا في التكاليف ثم نطلب منه ما نريد.

آه منكِ أيتها النفس.