الشكر هو السر

الشكر هو المفتاح
الشكر هو السر،
سر السعادة
سر البركة والزيادة
سر العبادة بحب ومتعة
سر الخجل الدائم الذي يدفعك للخضوع للعلي العالِم
الشكر سر الحب الذي هو أسمى حب.
الحب الذي ينفي عن حياتك الضيق والضجر
يحمي قلبك من رياح الإكتئاب وتقلبات القدر
الحب الذي يعطيك الأمل الدائم، أن هنالك موعد قادم، فوق الزمان والمكان، لقاء مع الذي منح الحياة جمالها، وأودع فيها أسرارها، مع الذي يبهر بالعطايا، ويداوي بالرزايا، مع الرحمن الذي بفيض رحمته نتراحم، ومن فيض جوده نحب ونوِد.

الحب يعطيك الاكتفاء الذاتي، فتكون أغنى من الأثرياء وأغنى من رجال الأعمال والزعماء، فهم مستمرون في الطلب لأن إحساس الفقر لم يبارح قلوبهم، أما أنت فأنت الغني الحقيقي، فالغني هو (المستغني بما لديه) لا يبحث عن شيء ولا ينقصه شيء، لأن لديه (كل شيء) لديه (حب الله).

إذن نحن نتكلم عن شكر الله، عن الفئة القليلة التي تشكر بحق (وقليلٌ من عبادي الشكور) والشكر ليس كلامًا يقال، بل هو مشاعر فياضة، وأعمال شاهدة، والجميل أنه يمكن تدريب القلب على الشكر، ويجب أن تتعاون الجوارح مع القلب لـ(تطبيق) الشكر.
.
فأنت حين تقطع اتصالاتك ومقابلاتك ولهوك ولغوك ثم تقوم إلى المسجد، تتوضأ وتصلي، أنت حين تقوم بهذا الفعل بدافع الشكر، فأنت هنا قد دربت القلب، وأنت حين تبحث في أقربائك ومعارفك عن المحتاج منهم لتعطيهم مما أعطاك الله، اليد تعطي والقلب يشعر بالامتنان لعطاء الله، هذا تدريب عملي على الشكر.
.
الشكر أن تخرج من البيت ساعة الغروب وتهيم في الشوارع أو الحدائق وأنت تردد (الحمد لله) بينما يسبح خيالك في التفكر في النعم التي منّ الله بها عليك، تمشي على الأقدام فتتذوق حلاوة المشي وقيمة هذه النعمة، تملأ رئتك بالهواء فتتذكر صديقك الذي ضاقت رئتاه فلم تسعفاه، تتذكر أبويك فتحس بحلاوة النعمة أن هيأ لك من يرعاك سنوات طويلة، إنها رحلة فكرية في بحر الذكريات، وحتى تلك الصعوبات والمصائب، تعتقد أنها قد عملتك دروسًا، وقربتك من خالقك أميالاً، وصنعت منك إنسانًا.
.
الشكر يحتاج لتدريب، يحتاج لوقت تخصصة كل يوم، يحتاج لأن تهب للصلاة كلما نادا المنادي، فحين تقوم من الركوع تررد (سمع الله لمن حمده) فيبتهج قلبك لأنك تتذكر أن الله (سميع) وأنه (قريب) فتسجد ثم تتلو ابتهالات الشكر، فتناجيه مناجاة الحبيب للحبيب: شكرًا ياربي الرحيم لأنك كذا وكذا، شكرا يا ربي الكريم لأنك أعطيتني كذا وكذا …الخ
.
بالأمس سمعت مقطعًا لأحد الحكماء يقول فيه: التحدي الأكبر الذي توعد به الشيطان لبني البشر، هو (ولا تجد أكثرهم شاكرين) أي أن يصرفك عن الصلاة، فالصلاة شكرٌ وخضوع، هي لب العبادة وعمود الدين، ثم ينسيك النعم ويشغلك بجمع المزيد، يخوفك من المستقبل (الشيطان يعدكم الفقر) حتى لا تعطي أو تنفق، ويستمر في حباله الخبيثة معك وأنت يا مسكين غافل.
.
خلاصة الأمر، أنت أمام خيارين لا ثالث لهما
قال تعالى:
إنا هديناه السبيل
(1) إما شاكرا
(2) وإما كفورا