إرادة الفجر

أجلس هنا لأكتب، أجلس في قهوة قد تعودت الذهاب إليها، أصبحت من روتين يومي الصباحي، وكذلك هم الذين يصلون الفجر في جماعة، لقد أصبح نشاطًا روتينيًا سهل المنال، على عكس من لم يتعود، فمن لا يصلي الفجر جماعة أمامه عقبة كؤود يجب أن يصعدها، جبل شاق يجب أن يتسلقه، وأنا أقول (يجب) لأن الخسارة أكبر من أن تُحتمل، وحياتك هي رأس مالك الذي تتاجر به يوم القيامة.

وقبل أن نسأل: كيف تصبح صلاة الفجر جماعة من أساسيات حياتك، ومن روتين يومك، هنالك سؤال آخر يجب أن يُطرح أولًا: كيف يمكن أن تعيد ترتيب أولوياتك فتضع صلاة الفجر في المكان المناسب في جدول اهتمامتك، كيف يمكن أن نعيد صلاة الفجر إلى قمة سلم الإرادة، حتى تسهل علينا بعد ذلك مهمة وضع الفجر في قمة سلم أنشطة اليوم، تستفتح به يومك كل صباح فتتفتح زهرة قلبك وتنفتح لك الحياة بأبهى صورة.

متابعة قراءة إرادة الفجر

خسارة الفجر

إنها لخسارة فادحة، لا تعدلها أي خسارة، خسارة أن تضيع عليك هذه الفرصة التي تفتح لك كل الفرص، وأن يضيع عليك هذا العطاء الذي لا يعدله عطاء.

آه ثم آه، نُح على ما فقدت، ودع قلبك يصيح بأعلى صوته، علّ يقظة تهزه وتبعثه من مرقده، كي لا يعيد الكرة، ولا تتكرر الخسارة.
أعلم أنك خسرت في يوم كذا مبلغ كذا، وخسرت فرصة لعمل كذا حين كنت في وضع كذا، خسارات عديدة تُصنّف أنها “دُنيوية” متعلقة بفترة قصيرة هي في الحقيقة “وهمٌ ليس زائف”، دنيا تزول بما فيها قريبًا وتبدأ حياتك الحقيقية، لكن الخسارة التي أتحدث عنها هي من جِنس آخر.

متابعة قراءة خسارة الفجر

ساعة من نهار أعادت للحياة ألوانها

ثم تأتي ساعة من نهار، تقلب حياتك وتغير واقعك، تعيدك لرشدك وصوابك، تُهدِّأ من أعصابك وتطمئن قلبك، تخفف من قلقك وتحسّن من طباعك، إنها ساعة تزيل عنك غشاوة أضنتك وتعيد لك بصيرة القلب المفقودة، ساعة تحتاجها كما يحتاج الغارق لطوق نجاة، أو هالكُ الصحراءِ لشربة ماء.

اسمعوا له يحكي عن حاله، قال:

متابعة قراءة ساعة من نهار أعادت للحياة ألوانها

الشكر هو السر

الشكر هو المفتاح
الشكر هو السر،
سر السعادة
سر البركة والزيادة
سر العبادة بحب ومتعة
سر الخجل الدائم الذي يدفعك للخضوع للعلي العالِم
الشكر سر الحب الذي هو أسمى حب.
الحب الذي ينفي عن حياتك الضيق والضجر
يحمي قلبك من رياح الإكتئاب وتقلبات القدر
الحب الذي يعطيك الأمل الدائم، أن هنالك موعد قادم، فوق الزمان والمكان، لقاء مع الذي منح الحياة جمالها، وأودع فيها أسرارها، مع الذي يبهر بالعطايا، ويداوي بالرزايا، مع الرحمن الذي بفيض رحمته نتراحم، ومن فيض جوده نحب ونوِد.

متابعة قراءة الشكر هو السر

الرضى هو المفتاح

استمعت لحلقة صوتية أخذتُ منها جملة واحدة هي في غاية الأهمية، وقبل أن أشاركها معكم، أريد أن أقول أن الأفكار التي نتلقاها فتتقاطع مع تجاربنا الحياتية، هي أفكار برّاقة نتمنى أن نخبر العالم كله بها، لكن -وهذا شيء محبط- لا يتلقّاها الآخرون بنفس الحماس، لأنها لا تتقاطع مع تجاربهم أو اهتماماتهم، لذلك، وهذا مدخل لما سأقول، خذ هذه الفكرة وتوقف مع نفسك بضع دقائق، حاول أن تطبقها في حياتك، جرب فلست بخاسر، فقد تغير حياتك 180 درجة.

متابعة قراءة الرضى هو المفتاح

لا تتوقع المعجزات بعد الدعاء

كان يعاني من مشكلة صحية ويدعو الله أن يشفيه، وحين اقترحت عليه أن يذهب لدكتور أو يجري فحوصات، رفض ودعى الله أن يشفيه دون ذهابٍ إلى دكتور وبلا أية فحوصات، فقلت له أن هذا لا يصح، ادع الله لكن لا تحدد عليه طريقة الإجابة، فليدبر الأمر كيف يشاء بحكمته، اطلب الصحة من أي طريقٍ أتت وبأي سبب قُدِّرت، إما عبر روشته طبيب، أو عبر حزمة أعشاب، أو حتى عبر الماء الذي تشربه، الله يفعل ما يشاء.

متابعة قراءة لا تتوقع المعجزات بعد الدعاء

أقبل بعقلك وقلبك على القرآن

قال لي والمشاعر تختطف كلماته قبل نطقها: لو تعلم كمية السكون والسعادة حين تجلس بعد العصر في المسجد تقرأ كتاب الله، لما تركتَ ذلك يومًا، ثم يكمل حديثه ناصحًا: جرب أن تجلس في مسجد الحي الكبير، في زاويةٍ تداعبها شمس الغروب، في تلك الإضاءة الصفراء التي تزيد المكان هيبةً وجمالا، ثم تمسك مصحفًا يشع النور من بين دفتيه، وتبدأ بهدوء في قراءة آيات الله، جرب أن تُخلي عقلك أولاً من كل شغلٍ أو فكر، فإن كان هنالك ما يشغله فسجله في هاتفك كي تعود للتفكير به في وقتٍ لاحق، أعطِ القرآن كلك.

ثم اقرأ وتأمل، اقرأ وتدبر، اسمع خطاب الله إليك بعقل منفتح، حاول أن تفهم سر الوجود، حاول أن تعيش أحداث تلك القصص، وكأنك بقرب نبي الله وهو يخاطب قومه، أو ترقب من فوق جبل والعذاب ينزل بهم، وتكاد عيناك تذرفان رأفة وندما على هذا الإنسان، ثم إن وصلت إلى تلك الآية التي تهزق القلب، حيث يقول الله عز وجل ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ)، فقف مليًا وتفكر.

استعمل خاصية الخيال أثناء قراءة القرآن، هذه الميزة الفريدة المعطاة لبني الإنسان، تخيل الأحداث وكأنك معهم، تخيل الجنة وكأنك فيها، تخيل النار وأنت ترقبها من بعيد في خشية ووجل، اجعل عقلك مستغرقًا مع كل آية، وافهم هذا الترتيب المهم: أنت تقرأ بلسانك كي تستحث عقلك لأن يفكر، تحرك عقلك كي تتحرك مشاعرك، والسر في المشاعر، فهي تنبع من القلب حيث نظر الله، وحيث تجد الله.

استمر في القراءة، استمر حتى تشعر في لحظة أنك تسبح في بحر من نور، أن روحك خفيفة كأنها تصعد في طبقات السماء، استمر حتى تأتي آية مؤثرة، أو حكمة مختبئة، أو فكرة نادرة، وهنا تضيء الحكمة جوانب عقلك، ستشعر بهدوء يغمر فؤادك، وبسعادة تجتاحك، حينها قد تبتسم، أو قد تذرف الدموع وجلاً، المهم أنك ستفرح فرحًا غامرًا بما أنت عليه، وستقول من كل قلبك: شكرًا يا رب أن جعلت لنا قرآنًا يُقرأ، أن يسرت لنا هذا النور عبر كلماتٍ وأحرف، وهنا تتذكر قول الله.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)،
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)

ينصبُّ النور على قلبك حين تقرأ القرآن طالبًا الهداية، حين تقبل عليه ولسان حالك يقول (سمعًا وطاعة يارب، أخبرني ما يجب علي فعله وما يجب أن أجتنبه، أخبرني ما يرضيك كي أفعله)، ومع كل آية، إن كان فيها أمرٌ فتوقف وراجع حياتك، واعزم على الاجتهاد في الفعل، أو استغفر من الإهمال والترك، وإن كان فيها نهيٌ فتوقف وراجع حياتك، واعزم على الترك.

اقرأ القرآن في أوقاتك الذهبية، وفي الأمكان التي يغمرها السكون، اجعل ورد القرآن أحد مفردات يومك الأساسية، أن يكون أهم مورد للعلم وتوجيه الدفة، أن تقرأ بهدف العلم والعمل، واستمر على ذلك يومًا بعد يوم حتى يعيد القرآن صياغة حياتك، حتى يعيد ترتيب أولوياتك، واعلم أنها رحلة مجاهدة لا يغفل الشيطان فيها عن انتهاز كل فرصة، وليس ثمة وصول ما دمت في هذه الحياة، فلا تغتر واستمر في التحلية والترقية، وتمسك بالقرآن تمسك الغريق بلوح خشب.

رحلة الإنسان الروحية في الحياة الدنيوية (اسلام – إيمان – إحسان)

الحياة تتطور باستمرار، من الذرة إلى المجرة، ولا أدل على ذلك من برعمة صغيرة، كانت بذرة، وستصبح نبتة فشجرة، لكن المؤسف هو بقاء المسلم دون تطور روحي، دون قطع المراحل الموصلة وتجاوز العقبات الحائلة، حين تمضي عليه الأيام والسنون دون تقدم، فيبدأ من بوابة الشريعة ويبقي فيها.

أتى جبريل عليه السلام ليعلم أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن من بعدهم، أصول التطور، عوالم الروح الثلاثة التي ينبغي للمسلم تخطيها في رحلته إلى الله، أن يكون مسلماً، فمؤمناً، فمحسناً، فالإسلام هو البوابة الأولى والقاعدة الصلبة التي يؤسس عليه البناء، فهي إقرار بالوحدانية، وصلاة وصيام وحج، وزكاة من شأنها إقامة المجتمع الذي يعيش فيه الناس في أمن وسلام، فالأمن مرتبطٌ بلقمة العيش ومدى توفرها.

متابعة قراءة رحلة الإنسان الروحية في الحياة الدنيوية (اسلام – إيمان – إحسان)

نعيم الصلاة … 1

1 اغسطس 2021

ما أجملك عزيزي المسلم، وأنت تقطع كل الأعمال والأشغال، وتنتزع نفسك من بين لهوك ولغوك، أو تنتشل جسدك من بين أصدقائك وأقرانك، ثم تهرع إلى الصلاة.

ما أجملك وأنت تحث الخطى وتسابق نسمات الهواء وبالك مشغولٌ بالصوت القادم من منارات الحياة وهي تنادي (حيَّ على)
تسأل نفسك، هل قامت الصلاة، هل فاتتني ركعة، هل أنا متأخر؟

متابعة قراءة نعيم الصلاة … 1

لا تقل: بِمَ أستعين على الصلاة، بل: بِمَ أستعين على الحياة

بقي من الوقت عشر دقائق لأذان العصر، ولا أدري هل أتمكن من إكمال المقالة قبل الأذان أم لا، وقد يحدث أن أسمع نداء الله وأنا في نهاية عملٍ أو مهمة، فأستعجل بغية الانتهاء قبل الصلاة، فلا أنا أنهيت العمل ولا أنا بكرت إلى صلاتي، فأتحصل على نصف صلاة الجماعة أو حتى ربعها، وحينها يكون حالي كما قال الشاعر:

نُرقّع دنيانا بتمزيق ديننا ** فلا ديننا يبقى ولا ما نُرقّعُ

متابعة قراءة لا تقل: بِمَ أستعين على الصلاة، بل: بِمَ أستعين على الحياة