آه منك أيه الإنسان

حصل على الدكتوراة ثم ما بعد الدكتوارة، لم يصل للـ(د) فحسب، بل لما بعد الـ(د)، وكان عقله مليئ بالأفكار والمشاريع والآمال و…الخ، ثم حدث الذي حدث!

حدث بأن كان ذات يوم، وهو يمشي في الطريق آمنًا مطمئنًا، حاملًا ألقابه الثقيلة فوق ظهره وآماله العريضة أمام عينه، إذ برجله تثقل عن الحركة، ثم تتمادى أكثر وتلحقها أختها، يوم بعد يوم، أسبوع بعد أسبوع، حتى أصبح قعيدًا لا يستطيع المشي.

المشي !!

أنا البروفيسور فلان بن فلان، أنا الذي للتو بدأت حياتي، أنا لا أستطيع المشي !

متابعة قراءة آه منك أيه الإنسان

لا تعول على الدنيا

هذا الدرس يتكرر بأكثر من شكل، وخلاصته: لا أمان للدنيا، تعطيك وهي تأخذ منك، تستدرجك كي توقِع بك، فحين تظن أنك قد امتلكت زمامها، وابتسم لك الحظ في أحضانها، تسلبك فجأة كل أملاكك.
.
تذكرت اليوم الكاتب محمد أبو الغيط رحمه الله (الذي هجم عليه السرطان في قمة نجاحه المهني)، وتذكرت غيره من الأقرباء والأصدقاء، فحين بدأت الحياة تتبسم لهم، فجأة انهارت الصحة، فحاولوا لملمة الجدار وإقامة الدار، لكن دون جدوى، نهش المرض أجسادهم وكان الموت في انتظارهم، ثم تركوا كل شيء إلا من خرقة بيضاء.
.
أنا لا أقول أن لا نسعى للدنيا، بل أن (لا نعول عليها) أن نتعامل معها كما قال الله (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها) لكن (وما عند الله خيرٌ وأبقى)، هو يسعى للدنيا كما الآخرين، لكن بشيء من الــ(لامبالاة)، في المقابل هو حريص أن (يصل رحمه) وأن (يعطي غيره) وأن (يفعل الخير)، تجده يختلط بالناس ويحدثهم ويسمع منهم، لكنه لا ينسى الاستماع لله كل يوم (يقرأ القرآن)، يذهب ويزور ويسافر لكنه لا يقطع زياراته المتكررة للمساجد (بيوت الله) فهو يعيش هنا بأهدافٍ دُنيا، لكن هدفه الأكبر هناك، يسعى لما هنا وللذي هناك، لكن الأولوية دائمًا هي لما هناك (ما عند الله).
.
فإن غدرت به الحياة يومًا، فسينظر إليها بابتسامة ساخرة، ثم يوجه إليها الكلمة القاضية … (فلتأخذي مني كل شيء، أنا لم أعوّل عليكِ يومًا، إن رصيدي هناك ممتلئ بإذن الله، وأنا ذاهبٌ كي أبدأ الحياة الحقيقية).

انتهى كلامه رحمه الله، فقد عاش طيبًا سمحًا، امتلك الأموال والأملاك وعاش عيشة هنية، لكنه كان صديق المسجد، وكانت أخلاقه حسنة، ويده بيضاء معطاءة.

فاز بها فلان
فاز بها فلان
لقد ربح الدنيا والآخرة.