معلومة صادمة من كندا

بالأمس عرفت معلومة صادمة عن كندا ، وجعلتني أزيد قناعة إلى قناعتي، وهي القناعة التي بُنيت خلال سنوات مضت، ولم تكن موجودة حين أتيت إلى مصر قبل عدة سنوات.
.
قدمت إلى أرض مصر قدوم استقرار مؤقت، كنت أطمح للسفر إلى الخارج، إلى العالم المتقدم (حسب وهمي) بل كنت أقول لصديقي مازحًا: يمكن أن تعتبرني صديقك الكندي من الآن، كان اعتقادي الساذج أن جمال الطبيعة لا يوجد إلا هناك، والتقدم الحضاري غير متوفر إلا عندهم، والحقيقة تقال، أن الحضارة عندهم بالفعل، لكن ليست الحضارة أهم شيء، يكفي أن تقرأ كتاب المفكر (بيجوفيتش): الإسلام بين الشرق والغرب، وأن تطلع على بعض أفكار الدكتور (عبدالوهاب المسيري) وأن تتقفى تجارب من عاش هناك، حتى تدرك إدراك اليقين أن الحضارة ليست أهم شيء، وأنك، كـ(فرد وزوج وأب)، تحتاج لأشياء أخرى أهم من الحضارة المادية.

نعود لموضوعنا، حيث كنت أشاهد فيديو لشاب مصري يعيش في كندا، يعيش الحلم الكندي (على غرار الأمريكي) بكل ما تعنيه الكلمة، وقد حقق نجاحه المهني والمادي، وكسب المليون بعد المليون، ثم هو يظهر أمام الكاميرا عابس الوجه كئيب الروح، ومن الأسباب التي ذكرها أن الحكومة الكندية تأخذ ضرائب مقدارها 50% من دخله السنوي، هل تتخيل ! نصف ماله يذهب إلى الدولة، لكن ليست هذه المشكلة، بل المشكلة الأدهى هي في المعلومة التالية:

  • مقدار ما تخصص الدولة (من ميزانيتها السنوية) لدعم المـ..(ث).ـ.ـلية = 150 مليون دولار.
    .
    طبعا هذه المعلومات على عهدة الراوي (رابط الفيديو) وأنا لم أتأكد منها، لكن من المعروف أن الضرائب عالية في كندا والدول الغربية، ومن المعروف أن هذه الدول تدعم ذلك الأمر الذي نرفضه رفضًا قاطعا ونعتقد (كمسلمين) أنه قد يؤدي إلى دمار العالم وخسارة الدنيا مع الآخرة، لكن تخيل أنك أنت (إن كنت مقيمًا هناك) لا تؤيد انتشار هذه الرذيلة فحسب، بل تدعم ذلك بمالك وتبذل له من عرق جبينك.
    .
    جلست أفكر في الأمر، وقلت: هل يعقل أن أفكر من جديد في الهجرة إلى تلك البلدان؟ هل يعقل أن أساهم في نشر هذه الرذيلة (التي تؤدي إلى فساد البشرية بطبيعة الحال) بمالي وعرق جبيني؟ وكيف سأعيش متسامحًا مع ضميري وأنا أعلم أن جزء من الضرائب التي أدفعها للدولة تذهب لجهود نشر هذه الرذيلة، أي أني أساهم بمالي في غرس هذه البذرة الفاسدة في عقول أطفالي (لأنهم سيدرسون في مدارسهم ويتلقون الثقافة من مشاربهم) !
    .
    لقد كنت أفكر قديما في الهجرة، وقد قدمت على القرعة الأمريكية قبل سنوات، لكني توقفت وعزفت عن الأمر وأصبحت أمريكا في نظري لا تساوي (بصلة)، مجرد حضارة زائفة وقشرة ينخل السوس أعماقها، وأصبحت البلدان الإسلامية (المستقرة منها) أفضل الأماكن على وجه الأرض.
    .
    أكتب الآن من داخل مقهى شعبي، شربت شاي بالنعناع، القرآن يتلى أمامي في شاشة كبيرة، وقريبًا يؤذن للمغرب، سأصلي في مسجد كبير بالقرب من هنا، سأمشي في الشوارع آمنا لا أخاف على نفسي أو مالي، ستغمر الطمأنينة قلبي لأني أستقيها من مصدر النور الأزلي، هل أترك كل هذا النعيم وأذهب للبحث عن الوهم الأمريكي أو الكندي أو السويدي أو…الخ
    .

أعلم، ستقول أن الدافع الأكبر هو لقمة العيش، البحث عن فرصة أفضل وكسب مال أكثر، وسأقول أن العالم قد تغير، يمكن أن تجتهد وتتعب قليلا في تعلم مهارات جديدة، ثم تعمل من المنزل وتكسب بالعملة الصعبة، بل يمكن أن تبيع منتجات وخدمات للمواطن الأمريكي وأنت في عقر دارك، فيأتيك المال من عندهم بدون أن تضحي بدينك وثقافتك وقيمك، وبدون أن تدفع لهم من مالك لنشر الرذائل وإفساد البشرية.

ومع ذلك أقول، كل شخص له ظروفه الخاصة، لكن ينبغي لمن يفكر في الهجرة إلى أي بلد أجنبي أن يضع هذه الامور في حسبانه، وأن يبحث في هاذين الأمرين المهمين: الضرائب وكم تبلغ + الميزانية وأين تذهب، وأن يفكر مليًا في البيئة التي سيضع أولاده فيها، والمدارس التي سيدخلونها، وفوق كل هذا، أن يلجأ إلى الله أن يختار له الخير.