معلومة صادمة من كندا

بالأمس عرفت معلومة صادمة عن كندا ، وجعلتني أزيد قناعة إلى قناعتي، وهي القناعة التي بُنيت خلال سنوات مضت، ولم تكن موجودة حين أتيت إلى مصر قبل عدة سنوات.
.
قدمت إلى أرض مصر قدوم استقرار مؤقت، كنت أطمح للسفر إلى الخارج، إلى العالم المتقدم (حسب وهمي) بل كنت أقول لصديقي مازحًا: يمكن أن تعتبرني صديقك الكندي من الآن، كان اعتقادي الساذج أن جمال الطبيعة لا يوجد إلا هناك، والتقدم الحضاري غير متوفر إلا عندهم، والحقيقة تقال، أن الحضارة عندهم بالفعل، لكن ليست الحضارة أهم شيء، يكفي أن تقرأ كتاب المفكر (بيجوفيتش): الإسلام بين الشرق والغرب، وأن تطلع على بعض أفكار الدكتور (عبدالوهاب المسيري) وأن تتقفى تجارب من عاش هناك، حتى تدرك إدراك اليقين أن الحضارة ليست أهم شيء، وأنك، كـ(فرد وزوج وأب)، تحتاج لأشياء أخرى أهم من الحضارة المادية.

متابعة قراءة معلومة صادمة من كندا

يا نوح اهبط بسلام منا وبركات ….

هبط في صمت، لا أدري متى على وجه التحديد نزل الملك ونفخ فيه الروح، فلقد كان مختفيًا عنا سبعة أشهر في ظلماته الثلاث، مر الشهر الأول قبل النفخ، أما الشهر الأخير فلم يكمله، أراد الله أن يخرج مبكرًا ليبدأ مسيرته الأرضية.
.
هنالك، في تلك الغرفة الهادئة، بجانب غرفة العمليات، جلسنا أنا وأخويه نترقب، كنا نتحدث عن الإسم المناسب، وقبل أن نقرر كانت الممرضة قد انطلقت مسرعة إلى غرفة الحضانة، فلحقناها نبغي نظرة خاطفة، ثم اختفت عنا لعشر دقائق ولم نكن نسمع إلا صراخًا خفيفًا، كانت هنالك فرحة تسري في قلوبنا بقدوم هذا الضيف الجديد، لقد وصل بسلامة الله، وتبقى لنا سلامة الأم، ثم سلمها الله وخرجت بخير وعافية، أما نوح فقد أذنوا لي برؤيته سريعًا وترديد الأذان في أذنه، ففعلت ثم عدت إلى الغرفة، وبعد ساعة أو أكثر أتانا وهو نائمٌ في سلام.

متابعة قراءة يا نوح اهبط بسلام منا وبركات ….

لحظتك لحظتك

الأوهام تحاصرك، المخاوف تحاول اختطاف قلبك، تحوم حوله لتوقعه في شباكها الخبيثة، وصوتٌ يرن في أرجاء الروح ينادي (لحظتك لحظتك) فتحاول جاهدًا الإنقياد إليه موقنًا أنه حبل النجاة، فتقطع حبال أفكارك التي ما فتئت تتخيل المستقبل وترسم الاحتملات الأسوأ، رسوم ظهرت في جدران القلب مذ وصلتك الأخبار السيئة، أخبار متعلقة برزقك المكتوب في حاضرك المحسوب.

متابعة قراءة لحظتك لحظتك

النشاط المحبب إلى قلبي

تسللتُ إلى الخارج، بعد أن أقعدني المرض خمسة أيام، متلحفًا بأغطيةٍ في كل بدني مخافة البرد، وطئت قدماي صفحة الشارع، ورأت عيناي وجه الحياة، آه ما أجمل الحياة، ثم رأيت شعاع الشمس، آه ما أجمل الشمس، ثم ما لبثت أن سمعت زقزقةً خفيفةً من جهةٍ مجهولةٍ داخل روحي، أهي روحي حقًا؟ أم هو طائرٌ حبيس قد ابتسم حين اشتم رائحة الحرية، مشيت ومشيت، خطوة بعد خطوة، ثم تذكرت ذلك النشاط، نعم إنه النشاط المحبب إلى قلبي، لربما أنا قادرٌ على القيام به اليوم، ولو بشيءٍ يسير، نصف ساعة أو ساعة، آه ما أحلى النشاط.

متابعة قراءة النشاط المحبب إلى قلبي

ننسى التكاليف، ثم نُقبِلُ على الطلب

طلبت منها أن تحل صفحتين فقط من كتاب تدريبات الرياضيات، لماذا؟ لأنها ضعيفة في مادة الرياضيات، والآن نحن في إجازة نصف الترم وهنالك الكثير من الوقت لديهم (أولادي طبعا) بل أنهم يضيقون أحيانا من الفراغ، فطلبت منهم قبل أيام أن يحل كل واحد فيهم صفحتين في كتابة، ربع ساعة تقريبا، نشاط بسيط لملئ الفراغ والاستفادة من الأجازة، لكن كل يوم وهم في تململ وتهرب من هذه المهمة الصغيرة.

متابعة قراءة ننسى التكاليف، ثم نُقبِلُ على الطلب

قبل فتح الإشارة بعشر ثواني

عشر ثواني فقط، هي المدة التي تبقت إلى أن تفتح إشارة عبور المشاة في الطريق السريع، الطريق نفسه الذي حصلت فيه حادثة قبل سنوات لشابين كانا يعبرانه فأتى طائشٌ بسيارته المسرعة، فمات الأول وأصيب الثاني، الآن أصبح لدينا إشارة لعبور المشاة تم تركيبها قبل سنة تقريبًا، صحيحٌ أنها ليست بقرب منزلي، لكني أتعمد أن أمشي إليها مرات عديدة من أجل أن (أسن سنة حسنة)، أن أعلم نفسي والآخرين أن هذا سلوكٌ حضاري، بل أنه سلوك (مصيري).

متابعة قراءة قبل فتح الإشارة بعشر ثواني

الرضى هو المفتاح

استمعت لحلقة صوتية أخذتُ منها جملة واحدة هي في غاية الأهمية، وقبل أن أشاركها معكم، أريد أن أقول أن الأفكار التي نتلقاها فتتقاطع مع تجاربنا الحياتية، هي أفكار برّاقة نتمنى أن نخبر العالم كله بها، لكن -وهذا شيء محبط- لا يتلقّاها الآخرون بنفس الحماس، لأنها لا تتقاطع مع تجاربهم أو اهتماماتهم، لذلك، وهذا مدخل لما سأقول، خذ هذه الفكرة وتوقف مع نفسك بضع دقائق، حاول أن تطبقها في حياتك، جرب فلست بخاسر، فقد تغير حياتك 180 درجة.

متابعة قراءة الرضى هو المفتاح

الشبسي الذي لم يعد يُعجِب

دار الجدال وحصل الخصام، والسبب كيس الشبسي، الأطفال يريدون (نكهات مختلفة) وأنا مُصرٌ على الشبسي العادي بالملح، وكم من مرة حكيت لهم عن أضرار تلك الألوان والنكهات الصناعية، فحين يقدمون لنا شبسي بطعم (الجبنة) فليس هنالك ثمة جبنة، إنما هي نكهة صناعية لا أدري من أي مواد كيمائية تم استخراجها، كما أن الشبسي أبو (كباب) لم يتم قليه في زيت مع سيخين كباب مثلاً، فكنت أخسر جولة ويكسبون أخرى، مرة أصر فأشتري لهم بالملح، ومرة ينتصرون فأشتري لهم بنكهة أخرى.

هذا المنشور يطرح نقطة مهمة، أنا هنا لا أعرض موقفًا عاديًا من مواقف الحياة، كما أني لا أتطرق لموضوع الصحة -رغم أهميته-، بل ما هو أكبر من ذلك، إنني أتحدث عن الـ(عادي)، عن حياتنا وكيف أصبحت مملة، وعن المنتجات التي تظهر بشكل مستمر بأشكال وألوان، عن الحياة العصرية والشركات الرأسمالية، عن الإنسان والجشع والقيمة والعمل الصالح، يمكن أن نستخدم (كيس الشبسي) كمدخل لعدة قضايا مصيرية.

قبل عشر سنوات تقريبًا، زارني أخي إلى بلد الدراسة، وقد تذوق حينها أول شريحة شبسي مقرمشة، وكم أُغرِم بها، كان يشتري تلك الأكياس بشكل يومي ولا يشبع من طعمها، بل أنه صرّح أنه يتمنى أن يسافر من بلده ويقيم هنا من أجل أن يأكل الشبسي كل يوم، فقد كانت متعته بهذا الطعم لا توصف.

فعلا طعم تلك الشرائح لذيذ، كان لذيذ ولايزال لذيذ، لم تكن الشركات حينها قد اخترعت فكرة (النهكات)، فما الذي تغير؟

انبثقت فكرة هذه المقال حين قالت ابنتي أن هذا الشبسي (العادي) ليس له طعم، لقد عاتبتني عتابًا شديدًا وكأني قد ألحقت بها عقابًا أليمًا، قلت في نفسي مندهشًا (بدون طعم!!)، قلتها وأنا أتذكر دهشة أخي من هذا الكيس نفسه، ثم جلسنا سويًا واقترحت عليهم أن نقوم بنشاط (التذوق)، أخذت الكيس من يدها وأعطيتها شريحة واحدة فقط، وأكلت أنا شريحة، ثم طلبت منها أن تغمض عينيها ثم تأكله ببطئ وتتذوق، فعلنا ذلك سوية، لقد أخذني الطعم إلى السماء وحلقت به فوق السحاب، وسألتها عن الطعم وعن شعورها، هل هو فعلاً (بدون طعم) فأجابت بالنفي، واذعنت لكلامي بعد أن أثبته بلسانها لا بلساني.

دعونا ننقتل لسؤالنا الجوهري: لماذا أصبحت الحياة بدون طعم، لماذا وهي المليئة بالبهجة والسرور والأشياء الجميلة التي تسهل حياتنا وتدعم مقامنا؟

لقد أصبحنا نمتلك من المقتنيات ما لم يحلم به أسلافنا لكننا أقل سعادة ورضى منهم، والسبب لأنه أصبح هنالك (نكهات أخرى)، حياتنا الجميلة أصبحت عادية (بدون طعم) لأن أصحاب الأموال يريدون المزيد، فأوهمونا أن هنالك أشياء أفضل (مما لا نمتلكه) ونكهات أخرى (مما لم نتذوقه) فأعرضنا عن الحياة البسيطة الجميلة وانطلقنا في سعي ليس له نهاية، لتحصيل تلك النهكات التي لا تُشبِع روح ولا تُرضي قلب، فانتشرت فينا الأمراض النفسية وتعددت الأزمات الحياتية.

لنعد إلى الوراء قليلاً، لنتذوق قطعة الشبسي العادية، لنغمض أعيننا ثم نوقض فينا الوعي ليكتشف ما فيها من لذة ومتعة، لقد وهب لنا الله حياة أصلية خالية من نكهات صناعية خادعة، شروقُ شمسٍ، بسمةً طفلٍ، ضحكة حب بين زوجين، ركعتين في جوف الليل، تسبيحٌ وتأملٌ وذكرٌ لله، الحياة لها طعم أصلي لا يقارن بأي شيء، نحتاج فقط أن نعود ونهدأ ونتأمل.

لقد بدأ الأمر حين قررت شركة (س) أن توسع مبيعاتها، أو حين ظهر المنافسون فاضطر الجميع أن يفكروا خارج الصندوق، فابتكروا النكهات الصناعية، وبالمثل حين ظهرت لنا شبكات وتطبيقات ثم ظهر المنافسون، كان لدينا فيسبوك ويوتيوب فظهرت تويتر ثم تكتوك، كلها منصات للمحتوى لكن بنكهات أخرى، ينتقل الناس فرادا وجماعات لتجربة نكهات جديدة، وكل نكهة تأتي بمضارها، والإنسان لا يشبع، يريد الجديد، يريد المزيد، وهو في سعي مستمر وفي شقاء متجدد.

وحش الاكتئاب وحصن الإيمان

سمعت رسائله في اندهاش، يحاول وصف ما لا يوصف، وإيصال مشاعر لم تُجرّب، لا ليست مشاعر، بل هو وحشٌ كاسر ليس له معالم، هو سواد سحيق في قاع الروح، إنه الاكتئاب، إنها هجمات الهلع (panic attack) ولقد سمعت عنها وقرأت، ويا للعجب مما قرأت، هي فعلاً هجمة شديدة لكن المشكلة أن الضحية لا يرى المهاجم، وإلا لكان نزالاً عادلاً وجهًا لوجه، فما هذه الهجمات وما هذا الوحش؟

لقد مرتتَ بظروفٍ صعبة لكن هنالك من مر بأصعب، صحيح أن الاكتئاب هو اختلال في بعض المواد الكيمائية داخل الجسم لكن هذه هي الأعراض، فما هي الأسباب، كيف وصلت إلى ما وصلت إليه، أين كانت أجهزتك الدفاعية وقت أن وقعت الأزمة، كيف تمكن الشيطان من الوصول إلى أعمق نطقة فيك (روحك).

سيثار استياء من هذا الكلام، فما دخل الروح في هذا المرض، ولماذا نلصق التهمة بالشيطان الرجيم، فالشيطان ليس من ضمن الأعراض التي في كتب الطب، لكن متى كانت الروح من ضمن قاموس الطب أصلاً، في حين أن الروح هي أصل أصيل في كينونة الإنسان ووجوده، والشيطان هو العدو اللدود للإنسان كما أخبرنا الواجد لكل موجود (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)، لذلك، وهذه قناعة شخصية، أعتقد أن المهاجم في تلك الهجمات هو الشيطان، والخطورة أنك لا تستطيع رؤيته ومن الصعب رد هجمته.

إن ما يظهر من أعراض جسمية ليس سوى استجابة لحالة نفسية/روحية، وليس هنالك عيب في علاج المكتئب بالعقاقير لمساعدة جسده للعودة لوظائفه الطبيعية وبالتالي النهوض من جديد واكمال مشوار الحياة، لكن هل هذا كل شيء، هل علاج الأعراض يغني عن علاج المشكلة الأساسية؟

إذن، فما هو الجهاز الدفاعي الذي يمكن به مواجهة تلك الهجمات التي لا نعلم مصدرها، إنه الإيمان، تلك الكلمة المعروفة للجميع، لكن نقول أن الذي أصيب بالاكتئاب لم يكن مؤمنًا، لا، أنا وأنت وهو مؤمنون بحمد الله، لكن السؤال هنا: ما قوة إيماني وإيمانك، وهل هذا الإيمان قادرٌ على مواجهة خطوب الزمان ومصائب الدهر، ومن أجل تقريب الفكرة، تخيل الإيمان كأنه جدارٌ حاجز (لصد المعتدين) أنت تزيد من سمكه مع الأيام تدريجًا، وتحمي به نواة كينونتك (روحك) ولن تكتشف سماكة هذا الجدار إلا حين ترميك الحياة بالرزايا، حين تزيد المشاكل وتكثر الهموم، عندها يظهر إيمانك، هل هو قادرٌ على حماية روحك؟ هل هو قادر على صد الهجمات؟

الشيطان يتحين الفرص، والمعركة دائرة لا تفتر، تساعده الدنيا من الخارج وتسانده النفس من الداخل، يعمل ليل نهار لإلهائك عن مصدر قوتك، عن تلك الأنشطة اليومية البسيطة التي تضمن زيادة الإيمان في قلبك (زيادة سماكة الجدار) ثم حين تحين الفرصة، يهجم عليك مستعينًا بمصائب الحياة ومستفيدًا من ضعف الحصون فيصل إلى نقطة عميقة فيك لا يجب أن يتواجد فيها، فتظهر الأعراض الغريبة التي لا يمكن وصفها، ويستجيب الجسم وتتغير بعض مواده الكيمائية، فنقول حينها: اكتئاب.

وما هذا الحصن العجيب الذي سوف يحميني ويحميك من تلك الهجمات المسعورة، ما هو الإيمان؟ إن موضوع الإيمان هو مما يصعب شرحه، لكنه لا شك قوةٌ دافعة وحصنٌ منيع، وما يهمنا هو كيفية بنائه وتقويته، والحل بسيط يمكن تلخيصه في كلمة واحدة هي (الذكر) وهذه الكلمة تتفرع إلى ثلاثة أنشطة يومية هي (ذكر اللسان وتلاوة القرآن والصلاة)، أعلم أننا نصلي بحمد الله، لكن هل هي صلاة حقيقية تساهم في بناء الإيمان، أم هي عادة موروثة تكفل الجسد بأدئها قيامًا وقعودا، وحين نذكر الله، هل يغرد القلب مع اللسان ويسبح في ملكوت الله، و ماذا عن صلاة الفجر، ماذا عن وقت السحر، ثم أين نحن من قيام الليل، تلك العبادة التي فرضها الله على نبيه لأنه (سيلقي عليه قولا ثقيلا)، نعم، إن الحياة قد تصبح (حملا ثقيلا)، فإن لم يكن لديك إيمانٌ شديد يحميك فربما كنتَ الضحية القادمة لوحش الاكتئاب.

حقيقة أخرى يجب أن تكون واضحة، الإيمان يُبنى مع الأيام؛ الوقت عنصر أساسي في عملية البناء، لذلك نحن نقول أنها أنشطة يومية يجب أن نتشبث بها ولا نتساهل فيها، أي أنه من الضروري أن يكون لك وردٌ يومي لتلاوة القرآن (أو الاستماع له) بتدبر وحضور قلب، وأن نحافظ على صلاة الجماعة وصلاة الفجر على وجه الخصوص، وأن يكون لنا وردٌ يومي من ذكر الله والعقل حاضر غير سرحان، وأن نصلي في الليل حتى ركعتين ونأنس بمناجاة الله حتى دقيقتين، وكل يوم أنت تؤدي مهامك أنت بذلك تقوي إيمانك، وكل يوم تغفل عن ذلك إيمانك يضعف، وللأسف لن تكتشف قوته إلى حين تحل المصائب وتكثر المشاكل، حينها سيكون من الصعب الخروج من تلك الدائرة اللعينة.

الأمر قد يحدث لي أو لك في أي وقت، والحياة غير مضمونة، اليوم حياتك جيدة وأمورك طيبة، لكن لا تغتر بما لديك من أجدر أو أعمدة تستند عليها، قد ينهار أي عمود في أي لحظة، قد تفقد وظيفتك، قد تنقلب عليك زوجتك، قد وقد وقد، وحينها لن ينفعك إلا عمود واحد يمكن أن يصمد أمام كل شيء، لأنه ببساطة شيء خارج إطار الحياة ومتعالي عليها.

القلب المعلق بالله لا يضره شيء لأنه معلق بمن بيده كل شيء، الحياة كلها مجرد عوارض تظهر وتختفي، هو يسعى لما هو أكبر، فإن خسر عرضًا أو أعراض فلايزال الهدف الأهم أمامه يحلي بالأمل أيامه، وقد يكون صبره على تلك المصائب سبيلًا للوصل إلى حب مولاه، نحن بحاجة إلى حب حقيقي يذوب أمامه كل شيء، والسلم للوصول إلى هذا الحب هوالإيمان، والطريقة لبناء هذا السلم هو الذكر، والذكر هو أنشطة يومية تمارس على مستوى الجسد والفكر والقلب.

السبيل هو المجاهدة، لن تدعك الحياة بزحمتها ولا الشيطان بمكره أن تؤدي تلك الأنشطة كما يجب، إن هزمتَ نفسك بترك أريكتك المريحة وخرجت للمسجد فستجد الشيطان بالمرصاد يحاول صرف قلبك عن روح الصلاة (الخشوع) تحتاج للمجاهدة خارجيًا وداخليًا، الدنيا تغريك بالمشتهيات والسعي ورائها يلهيك عن المهمات، وعليك أن تجاهد وتكافح، هكذا ينبى الإيمان، أما حين تؤخر الصلاة لأنك مشغول، وتترك المسجد لأنك كسلان، أو تؤثر السهر على حساب صلاة الفجر، فهذا لا يبنى إيمانا، إنما نخادع به أنفسنا، وحين تأتي الخطوب يظهر الخبر.

وقد يقول قائل/ لقد اختزلت كل شيء في الإيمان، أين العمل الصالح الذي يتعدد ويتفرع، والذي هو الموصل لرضوان الله، والإجابة ببساطة أن الإيمان هو القوة الدافعة للعمل الصالح بجانب أنه الحصن المنيع، هو المبتدأ والمنطلق، ثم تأتي الأمور الأخرى من ورائه، ولعلنا نوضح الأمر أكثر في مقالة أخرى ان شاء الله.

إذن، الإيمان قد لا يشفي من الاكتئاب، لكنه يحمي من الوقوع فيه، وليس شرطًا أن يكون من أصيب بهذا المرض ضعيف الإيمان، ربما إيمانه قوي لكن لم يكن بالقوة الكافية التي تناسب ما مر به من خطوب وأحداث، لم يكن الحصن منيعًا ضد هجمات ذلك الوحش الكاسر المسمى (الاكتئاب).

الزواج بعد موت الزوج أو الزوجة

إنني بعد التأمل والتفكير، قد استنتجت أشياء كانت غائبة عني، فأنا -مثل غيري- كنت أبادر إلى الاعتقاد بأن الشخص الذي يتزوج مباشرة بعد موت زوجته الأولى، أنه قليل الوفاء ضعيف الحب لزوجته السابقه، وهذا للأسف تفكير طفولي سطحي، بل قد يكون زواجه السريع من أكبر الدلالات على حبه ووفائه لحبيبته الأولى، وسأوضح هذا الأمر عبر تحليل منطقي بعد قليل، لكن أولاً دعوني أقف معكم عند هذا النص من سيرة نبينا العطرة (صلى الله عليه وسلم):

متابعة قراءة الزواج بعد موت الزوج أو الزوجة